مُشْفِقُونَ » فإذا عدي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر ، وإذا عدي بفي فمعنى العناية فيه أظهر قال تعالى : « إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ » ، انتهى.
فالمعنى : أنا كنا في الدنيا ذوي إشفاق في أهلنا نعتني بسعادتهم ونجاتهم من مهلكة الضلال فنعاشرهم بجميل المعاشرة ونسير فيهم ببث النصيحة والدعوة إلى الحق.
قوله تعالى : « فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ » المن على ما ذكره الراغب الإنعام بالنعمة الثقيلة ويكون بالفعل وهو حسن ، وبالقول وهو قبيح من غيره تعالى ، قال تعالى : « يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ » الحجرات : ١٧.
ومنه تعالى على أهل الجنة إسعاده إياهم لدخولها بالرحمة وتمامه بوقايتهم عذاب السموم.
والسموم ـ على ما ذكره الطبرسي ـ الحر الذي يدخل في مسام البدن يتألم به ومنه ريح السموم.
قوله تعالى : « إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ » تعليل لقوله : « فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا » إلخ ، كما أن قوله : « إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ » تعليل له.
وتفيد هذه الآية مع الآيتين قبلها أن هؤلاء كانوا في الدنيا يدعون الله بتوحيده للعبادة والتسليم لأمره وكانوا مشفقين في أهلهم يقربونهم من الحق ويجنبونهم الباطل فكان ذلك سببا لمن الله عليهم بالجنة ووقايتهم من عذاب السموم ، وإنما كان ذلك سببا لذلك لأنه تعالى بر رحيم فيحسن لمن دعاه ويرحمه.
فالآيات الثلاث في معنى قوله : « إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ » العصر : ٣.
والبر من أسماء الله تعالى الحسنى ، وهو من البر بمعنى الإحسان ، وفسره بعضهم باللطيف.
( بحث روائي )
في الكافي ، بإسناده عن أبي بكر عن أبي عبد الله عليهالسلام : في قول الله عز وجل : « وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ » قال : فقال : قصرت الأبناء