والتسنيد نصب الشيء معتمدا على شيء آخر كحائط ونحوه.
والجملة مسوقة لذمهم وهي متممة لسابقتها ، والمراد أن لهم أجساما حسنة معجبة وقولا رائعا ذا حلاوة لكنهم كالخشب المسندة أشباح بلا أرواح لا خير فيها ولا فائدة تعتريها لكونهم لا يفقهون.
وقوله : « يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ » ذم آخر لهم أي إنهم لإبطانهم الكفر وكتمانهم ذلك من المؤمنين يعيشون على خوف ووجل ووحشة يخافون ظهور أمرهم واطلاع الناس على باطنهم ويظنون أن كل صيحة سمعوها فهي كائنة عليهم وأنهم المقصودون بها.
وقوله : « هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ » أي هم كاملون في العداوة بالغون فيها فإن أعدى أعدائك من يعاديك وأنت تحسبه صديقك.
وقوله : « قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ » دعاء عليهم بالقتل وهو أشد شدائد الدنيا وكان استعمال المقاتلة دون القتل للدلالة على الشدة.
وقيل : المراد به الطرد والإبعاد من الرحمة ، وقيل : المراد به الإخبار دون الدعاء ، والمعنى : أن شمول اللعن والطرد لهم مقرر ثابت ، وقيل : الكلمة مفيدة للتعجب كما يقال :
قاتله الله ما أشعره ، والظاهر من السياق ما تقدم من الوجه.
وقوله : « أَنَّى يُؤْفَكُونَ » مسوق للتعجب أي كيف يصرفون عن الحق؟ وقيل : هو توبيخ وتقريع وليس باستفهام.
قوله تعالى : « وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ » إلخ ، التلوية تفعيل من لوى يلوي ليا بمعنى مال.
والمعنى : وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله ـ وذلك عند ما ظهر منهم بعض خياناتهم وفسوقهم ـ أمالوا رءوسهم إعراضا واستكبارا ورآهم الرائي يعرضون عن القائل وهم مستكبرون عن إجابة قوله.
قوله تعالى : « سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ » إلخ ، أي يتساوى الاستغفار وعدمه في حقهم وتساوي الشيء وعدمه كناية عن أنه لا يفيد الفائدة المطلوبة منه ، فالمعنى : لا يفيدهم استغفارك ولا ينفعهم.
وقوله : « لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ » دفع دخل كان سائلا يسأل : لما ذا يتساوى الاستغفار لهم وعدمه؟ فأجيب : لن يغفر الله لهم.