عند نزول الوحي فثقل حتى كادت ناقته أن تبرك من ثقل الوحي فسري عن رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يسكب العرق عن جبهته ثم أخذ بأذن زيد بن أرقم فرفعه من الرحل ثم قال : يا غلام صدق قولك ووعى قلبك وأنزل الله فيما قلت قرآنا.
فلما نزل جمع أصحابه وقرأ عليهم سورة المنافقين : « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ ـ إلى قوله ـ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ » ففضح الله عبد الله بن أبي.
وفي تفسير القمي أيضا ، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : « كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ » يقول : لا يسمعون ولا يعقلون « يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ » يعني كل صوت ـ « هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ».
فلما أنبأ الله رسوله خبرهم مشى إليهم عشائرهم ـ وقالوا افتضحتم ويلكم ـ فأتوا رسول الله يستغفر لكم فلووا رءوسهم وزهدوا في الاستغفار ، يقول الله : « وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ».
وفي الكافي ، بإسناده إلى سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إن الله تبارك وتعالى فوض إلى المؤمن أموره كلها ، ولم يفوض إليه أن يذل نفسه ـ ألم تر قول الله سبحانه وتعالى هاهنا ـ « لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ » والمؤمن ينبغي أن يكون عزيزا ولا يكون ذليلا.
أقول : وروي هذا المعنى بإسناده عن داود الرقي والحسن الأحمسي وبطريق آخر عن سماعة.
وفيه ، بإسناده عن مفضل بن عمر قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه. قلت : بما يذل نفسه؟ قال : يدخل فيما يعتذر منه.
( كلام حول النفاق في صدر الإسلام )
يهتم القرآن بأمر المنافقين اهتماما بالغا ويكر عليهم كرة عنيفة بذكر مساوي أخلاقهم وأكاذيبهم وخدائعهم ودسائسهم والفتن التي أقاموها على النبي صلىاللهعليهوآله وعلى المسلمين ، وقد تكرر ذكرهم في السور القرآنية كسورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة والعنكبوت والأحزاب والفتح والحديد والحشر والمنافقون والتحريم.
وقد أوعدهم الله في كلامه أشد الوعيد ففي الدنيا بالطبع على قلوبهم وجعل الغشاوة