الريح أي تنزع الريح الناس من الأرض ، وأعجاز النخل أسافله ، والمنقعر المقلوع من أصله ، والمعنى ظاهر ، وفي الآية إشعار ببسطة القوم أجساما.
قوله تعالى : « فَكَيْفَ كانَ عَذابِي ـ إلى قوله ـ مُدَّكِرٍ » تقدم تفسير الآيتين.
( كلام في سعادة الأيام ونحوستها والطيرة والفأل في فصول )
١ ـ في سعادة الأيام ونحوستها : نحوسة اليوم أو أي مقدار من الزمان أن لا يعقب الحوادث الواقعة فيه إلا الشر ولا يكون الأعمال أو نوع خاص من الأعمال فيه مباركة لعاملها ، وسعادته خلافه.
ولا سبيل لنا إلى إقامة البرهان على سعادة يوم من الأيام أو زمان من الأزمنة ولا نحوسته وطبيعة الزمان المقدارية متشابهة الأجزاء والأبعاض ، ولا إحاطة لنا بالعلل والأسباب الفاعلة المؤثرة في حدوث الحوادث وكينونة الأعمال حتى يظهر لنا دوران اليوم أو القطعة من الزمان من علل وأسباب تقتضي سعادته أو نحوسته ، ولذلك كانت التجربة الكافية غير متأتية لتوقفها على تجرد الموضوع لأثره حتى يعلم أن الأثر أثره وهو غير معلوم في المقام.
ولما مر بعينه لم يكن لنا سبيل إلى إقامة البرهان على نفي السعادة والنحوسة كما لم يكن سبيل إلى الإثبات وإن كان الثبوت بعيدا فالبعد غير الاستحالة. هذا بحسب النظر العقلي.
وأما بحسب النظر الشرعي ففي الكتاب ذكر من النحوسة وما يقابلها ، قال تعالى : « إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ » القمر : ١٩ ، وقال : « فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ » حم السجدة : ١٦ ، لكن لا يظهر من سياق القصة ودلالة الآيتين أزيد من كون النحوسة والشؤم خاصة بنفس الزمان الذي كانت تهب عليهم فيه الريح عذابا وهو سبع ليال وثمانية أيام متوالية يستمر عليهم فيها العذاب من غير أن تدور بدوران الأسابيع وهو ظاهر وإلا كان جميع الزمان نحسا ، ولا بدوران الشهور والسنين.
وقال تعالى : « وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ » الدخان : ٣ ، والمراد بها ليلة القدر التي يصفها الله تعالى بقوله : « لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ » القدر : ٣ ، وظاهر