شيء فيما زاد على المائتين ، حتى تبلغ الزيادة أربعين درهما ، فيجب فيها درهم واحد ، ثم على هذا الحساب بالغا ما بلغت.
والدليل على مقدار النصاب الثاني فيهما ، الإجماع الماضي ذكره ، وأيضا فالأصل براءة الذمة ، وشغلها بإيجاب الزكاة في قليل الزيادة وكثيرها ، يفتقر إلى دليل ، وليس في الشرع ما يدل عليه.
ويعارض المخالف في ذلك بما روى من طرقهم من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمعاذ (١) حين أنفذه إلى اليمن : لا شيء في الورق حتى تبلغ مائتي درهم ، فإذا بلغتها فخذ خمسة دراهم ، ولا تأخذ من زيادتها شيئا ، حتى تبلغ أربعين درهما ، فإذا بلغتها فخذ درهما (٢) ، وهذا نص. وقوله : هاتوا زكاة الرقة من كل أربعين درهما درهما. (٣)
وأما الغلات فالواجب في كل صنف منها إن كان سقيه سيحا أو بعلا أو بماء السماء العشر ، وإن كان بالغرب والدوالي والنواضح (٤) فنصف العشر ، وإن كان السقي بالأمرين معا كان الاعتبار بالأغلب من المدتين ، فإن تساويا زكى النصف بالعشر ، والنصف بنصف العشر ، هذا إذا بلغ بعد إخراج المؤن وحق
__________________
(١) أبو عبد الرحمن : معاذ بن جبل بن عمر الأنصاري ، شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها ، وآخى رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بينه وبين عبد الله بن مسعود ، روى عنه عمر وابنه عبد الله وأبو قتادة وغيرهم ، مات في طاعون عمواس سنة ١٨ ه. لاحظ أسد الغابة : ٤ ـ ٣٧٦.
(٢) التاج الجامع للأصول : ٣ ـ ١٨ ، وفي هامشه : الرقة ـ بكسر الراء ـ : الدرهم المضروبة وأصلها «ورق» حذفت واوه وعوض عنها الهاء كعدة وزنة ، والمراد الفضة ولو غير مضروبة.
(٣) التاج الجامع للأصول : ٣ ـ ١٩.
(٤) المراد بالسيح : الجريان على وجه الأرض. وبالبعل : ما يشرب بعروقه في الأرض التي تقرب من الماء. والغرب بالغين المعجمة وسكون الراء : الدلو العظيم الذي يتخذ من جلد الثور. والدوالي جمع دالية وهي الناعورة التي تديرها البقر أو غيرها. والنواضح جمع ناضح وهو البعير يستقى عليه. لاحظ جواهر الكلام ، ج ١٥ ، ص ٢٣٧.