وكان قد ساق الهدي ـ : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي (١) ، وأمر من لم يسق هديا أن يحل ويجعلها عمرة ، لأنه لو كان جائزا في حج الإسلام لمن ذكرناه ، أو أفضل في حج التطوع على ما يقوله المخالف ، لم يكن لأمره (٢) بذلك معنى.
فأما أهل مكة وحاضروها ففرضهم القران والإفراد ولا يجزئهم في حجة الإسلام غيرهما ، بدليل الإجماع المذكور وطريقة الاحتياط ، وأيضا قوله تعالى (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) إلى قوله : (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (٣) وهذا نص ، وليس لأحد أن يقول : إن قوله تعالى (ذلِكَ) إشارة إلى الهدي لا إلى التمتع ، لأن ذلك تخصيص بغير دليل.
والحج على ضربين : مفروض ومسنون ، فالمفروض : حج الإسلام ، وحج النذر أو العهد ، وحج الكفارة ، وأما المسنون : فما عدا ما ذكرناه ، ويفارق الواجب في أنه لا يجب الابتداء به ، ويساويه بعد الدخول فيه في وجوب المضي فيه في سائر أحكامه إلا وجوب القضاء له إذا فات ، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
الفصل الثاني
وأما شروطه فعلى ضربين : شرائط الوجوب وشرائط صحة الأداء.
فشرائط وجوب حج الإسلام : الحرية والبلوغ وكمال العقل والاستطاعة بلا خلاف ، والاستطاعة يكون بالصحة ، والتخلية ، وأمن الطريق ، ووجود الزاد
__________________
(١) جامع الأصول لابن الأثير : ٣ ـ ٤٨٩.
(٢) في «ج» : لم يكن بأمره.
(٣) البقرة : ١٩٦.