كل قسم من ذلك ، وما يتعلق به في فصل مفرد إن شاء الله.
الفصل الرابع : في الإحرام
الإحرام ركن من أركان الحج من تركه متعمدا فلا حج له بلا خلاف ، ولا يجوز إلا في زمان مخصوص ، وهو شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة ، فمن أحرم قبل ذلك لم ينعقد إحرامه ، بدليل الإجماع المتردد وطريقة الاحتياط ، وأيضا قوله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) (١) ، والتقدير وقت الحج ، لأن الحج لا يصح وصفه بأنه أشهر ، وتوقيت العبادة في الشرع بزمان ، يدل على أنها لا تجزي في غيره.
ولا تعلق للمخالف بقوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ) (٢) ، لأنا نخص الإحرام بما ذكرناه من الشهور ، بدليل ما قدمناه ، كما خصصنا كلنا ما عداه من أفعال الحج بأيام مخصوصة من ذي الحجة ، ولأن أبا حنيفة عنده : أن الإحرام ليس من الحج فلا يمكنه التعلق بالآية ، ولأن توقيت الفعل بوقت يقتضي جواز فعله فيه من غير كراهة ، وعند أبي حنيفة : أن تقديم الإحرام مكروه. (٣)
ولا يجوز عقد الإحرام إلا في موضع مخصوص ، وهو لمن حج على طريق المدينة ذو الحليفة ، وهو مسجد الشجرة ، ولمن حج على طريق الشام الجحفة ، ولمن حج على طريق العراق بطن العقيق ، وأوله المسلخ وأوسطه غمرة وآخره ذات عرق ،
__________________
(١) البقرة : ١٩٧.
(٢) البقرة : ١٨٩.
(٣) لاحظ المغني لابن قدامة : ٣ ـ ٢٢٤ كتاب الحج باب ذكر الإحرام.