الوقوف بالمشعر على ما سندل عليه ، وأنه ينوب في تمام الحج عن الوقوف بعرفة لمن لم يدركه ، وكل من قال بذلك ، قال بفساد الحج بالجماع قبله ، فالتفرقة بين الأمرين يبطلهما الإجماع ، ويعارض المخالف بما روي من طرقهم من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو بالمزدلفة :
من وقف معنا هذا الموقف وصلى معنا هذه الصلاة وقد كان قبل ذلك وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه (١) ، فعلق تمام الحج بالوقوف بالموقفين ، وما رووه من قوله عليهالسلام : من وقف بعرفة فقد تم حجه (٢) وقوله : الحج عرفة (٣) ، خبر واحد لا يحتج علينا به ، ويعارضه ما قدمناه ، ويجوز حمل قوله : الحج عرفة ، على أن المراد به معظم الحج عرفة ، وقوله : «فقد تم حجه» على أن المراد أنه قارب التمام ، كما حملنا كلنا على ذلك قوله عليهالسلام : إذا رفع الإمام رأسه من السجدة الأخيرة فقد تمت صلاته. (٤)
وفي الوطء بعد الوقوف بالمشعر وقبل التحليل بدنة ، ولا يفسد الحج بدليل الإجماع المشار إليه ، وأيضا فإفساد الحج يفتقر إلى دليل وليس في الشرع ما يدل عليه ، فأما وطء المرأة في دبرها ، وإتيان الغلام والبهيمة ، فلا خلاف بين أصحابنا أن فيه بدنة ، واختلفوا في هل يفسد الحج إذا وقع قبل عرفة أو قبل المشعر أم لا؟ فمن قال : يفسده ، دليله طريقة الاحتياط ، ومن قال : لا يفسده ، دليله أن الأصل الصحة وبراءة الذمة من القضاء.
وتكرار الوطء يوجب تكرار الكفارة وهي بدنة ، سواء كان في مجلس واحد
__________________
(١) جامع الأصول لابن الأثير : ٣ ـ ٦٨.
(٢ و ٣) جامع الأصول : ٣ ـ ٦٩ و ٧٠ وسنن البيهقي : ٥ ـ ١١٦.
(٤) لم نجد النص في المجامع الحديثية نعم نقله السيد المرتضى في الانتصار ص ٩٧ وصاحب الجواهر في كتاب الحج وهذا نصه : «إذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة فقد تمت صلاته» جواهر الكلام : ٢٠ ـ ٣٥٣.