الفصل الرابع عشر :
في نزول منى
وحد منى من طرف وادي محسر إلى العقبة ، وقد ذكرنا أن من السنة المبيت بها ليلة عرفة ، وكذلك نزولها يوم النحر لقضاء المناسك بها ، من رمي جمرة العقبة ، والذبح ، والحلق ، والتقصير ، وكذلك نزولها أيام التشريق للرمي ، والمبيت بها ليالي هذه الأيام إلى حين الإفاضة ، بلا خلاف ، فإن ترك المبيت بها مختارا من غير عذر ليلة فعليه دم ، فإن ترك ليلتين فعليه دمان ، بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط.
فإن ترك الثالثة فلا شيء عليه ، لأن له أن ينفر في النفر الأول ، وهو اليوم الثاني من أيام التشريق ، فإن لم ينفر فيه حتى غربت الشمس ، فعليه المبيت الليلة الثالثة ، فإن نفر ولم يبت فعليه دم ثالث ، بدليل ما قدمناه ، وأيضا قوله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) (١). فعلق الرخصة باليوم الثاني ، وهذا قد فاته اليوم الثاني (٢) ، فلا يجوز له أن ينفر.
ومن أصاب النساء ، أو شيئا من الصيد ، أو كان صرورة (٣) فليس له أن ينفر في النفر الأول ، بل يقيم إلى النفر الأخير ، وهو اليوم الثالث من أيام التشريق ، ويجوز لمن عدا من ذكرناه (٤) أن ينفر في الأول ، وتأخير النفر الأخير أفضل له.
ومن أراد النفر في الأول ، فلا ينفر حتى تزول الشمس إلا لضرورة ، فإنه
__________________
(١) البقرة : ٢٠٣.
(٢) في «س» : في اليوم الثاني.
(٣) الصرورة ـ بالفتح ـ : الذي لم يحج. المصباح المنير.
(٤) في «ج» و «س» : ما ذكرناه.