السبب الخامس للخيار :
ظهور غبن لم تجر العادة بمثله ، بدليل الإجماع المشار إليه ، ويحتج على المخالف بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا ضرر ولا ضرار ـ ومن اشترى بمائة ما يساوي عشرة كان غاية في الضرر ـ وبنهيه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن تلقي الركبان ، وقوله : فإن تلقى متلق فصاحب السلعة بالخيار إذا دخل السوق (١) ، لأنه إنما جعل له الخيار لأجل الغبن.
الفصل الثاني
فإما الربا فيثبت في كل مكيل وموزون ، سواء كان مطعوما أو غير مطعوم ، بالنص لا بعلة بدليل إجماع الطائفة ، فلا يجوز بيع بعضه ببعض ـ إذا اتفق الجنس أو كان في حكم المتفق كالحنطة والشعير عندنا ـ إلا بشروط ثلاثة زائدة على ما مضى : الحلول النافي للنسيئة ، والتماثل في المقدار ، والتقابض قبل الافتراق بالأبدان ، بلا خلاف إلا من مالك فإنه قال : إذا كان أحد العوضين مصوغا (٢) جاز بيعه بأكثر من وزنه وتكون الزيادة قيمة الصنعة (٣) ويحتج عليه بما رووه من قوله عليهالسلام : لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق (٤) إلا سواء بسواء (٥) ، ولم يفصل ، فأما قول ابن عباس ومن وافقه من الصحابة بجواز التفاضل نقدا (٦) فقد انقرض وحصل الإجماع على خلافه.
__________________
(١) جامع الأصول : ١ ـ ٤٤٥ وسنن البيهقي : ٥ ـ ٣٤٧ باب النهي عن تلقي البيع.
(٢) في «ج» : مصنوعا.
(٣) لاحظ تفسير القرطبي : ٣ ـ ٣٥١ في تفسير الآية ٢٧٥ من سورة البقرة (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا).
(٤) الورق ـ بكسر الراء والإسكان للتخفيف ـ : النقرة المضروبة. المصباح المنير.
(٥) جامع الأصول : ١ ـ ٤٥٧ وسنن البيهقي : ٥ ـ ٢٧٦ والفروق للقرافي : ٣ ـ ٢٥٩ الفرق التسعون والمائة.
(٦) المغني لابن قدامة : ٤ ـ ١٣٤ والفروق للقرافي : ٣ ـ ٢٥٩ الفرق التسعون والمائة.