فصل في الصلح
الصلح جائز بين المسلمين ما لم يؤد إلى تحليل حرام أو تحريم حلال ، فلا يحل أن يؤخذ بالصلح ما لا يستحق ولا يمنع به المستحق ، وهو جائز مع الإنكار ، بدليل إجماع الطائفة ، وأيضا قوله تعالى (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) (١) ولم يفرق ، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله عليهالسلام : الصلح جائز بين المسلمين إلا ما أحل حراما أو حرم حلالا. (٢)
والشوارع على الإباحة يجوز لكل أحد التصرف فيها بما لا يتضرر به المارة ، فإن أشرع جناحا وكان عاليا لا يضر بالمجتازين ، ترك ما لم يعارض فيه أحد من المسلمين ، فإن عارض وجب قلعه ، لأن الطريق حق لجميعهم ، فإذا أنكر أحد لم يجز أن يغصب على حقه ، وأيضا فلا خلاف أنه لا ينفرد بملك شيء من القرار والهواء ، والبناء تابع له ، وأيضا فلو سقط ما أشرعه على إنسان فقتله ، أو مال فأتلفه ، للزمه الضمان بلا خلاف ، ولو كان يملك ذلك لما لزمه.
والسكة إذا كانت غير نافذة فهي ملك لأرباب الدور الذين فيها طرقهم ، فلا يجوز لبعضهم فتح باب فيها ، ولا إشراع جناح إلا برضا الباقين ، ضر ذلك أو لم يضر ، ومتى أذنوا في ذلك ، كان لهم الرجوع فيه ، لأنه إعادة (٣) ، ولو صالحوه على
__________________
(١) النساء : ١٢٨.
(٢) سنن البيهقي : ٦ ـ ٦٥ كتاب الصلح ، وكنز العمال : ٤ ـ ٣٦٥ برقم ١٠٩٣٣ والوسائل : ١٨ ـ ١٧٠ ب ٣ من أبواب كيفية الحكم ح ٥.
(٣) كذا في «ج» ولكن في الأصل و «س» : لانه اعارة.