فصل في الحوالة(١)
الحوالة تفتقر في صحتها إلى شروط :
منها : رضا المحيل إجماعا ، لأن من عليه الدين مخير في جهات قضائه.
ومنها : رضا المحال ـ بلا خلاف إلا من داود ـ لأن نقل الحق من ذمة إلى أخرى مع اختلاف الذمم ، تابع لرضا صاحبه ، ولأنه إذا رضي عليه صحت الحوالة بلا خلاف ، وليس على صحتها مع عدم رضاه دليل ، وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا أحيل أحدكم على مليء فليحتل (٢) ، محمول على الاستحباب ، لما فيه من قضاء حاجة أخيه وإجابته إلى ما ينبغي.
ومنها : رضا المحال عليه ، لأن إثبات الحق في ذمته لغيره ـ مع اختلاف الغرماء في شدة الاقتضاء وسهولته ـ تابع لرضاه ، ولأنه لا خلاف في صحتها إذا رضي ، وليس كذلك إذا لم يرض.
ومنها : أن يكون المحال عليه مليا في حال الحوالة ، بلا خلاف بين أصحابنا ، فإن رضي المحال بعدم ملاءته جاز ، لأنه صاحب الحق.
وتصح الحوالة على من ليس عليه دين ، لأن الأصل جواز ذلك ، والمنع منه يفتقر إلى دليل.
__________________
(١) حقيقة الحوالة تحويل المديون ما في ذمته إلى ذمة غيره ، وهي متقومة بأشخاص ثلاثة : «المحيل» وهو المديون ، و «المحتال» وهو الدائن و «المحال عليه» ، وأما «المحال به» فهو المال الذي أحاله المحيل إلى ذمة المحال عليه.
(٢) سنن البيهقي : ٦ ـ ٧٠ كتاب الحوالة ، وكنز العمال : ٥ ـ ٥٧٥ برقم ١٤٠١٥.