فصل في المضاربة
المضاربة والقراض عبارة عن معنى واحد ، وهو أن يدفع الإنسان إلى غيره مالا ليتجر به ، على أن ما رزق الله تعالى من ربح ، كان بينهما على ما يشترطانه.
ومن شرط صحة ذلك ، أن يكون رأس المال فيه ، دراهم أو دنانير معلومة مسلمة إلى العامل ، ولا يجوز القراض بالفلوس ولا بالورق المغشوش ، لأنه لا خلاف في جواز القراض مع حصول ما ذكرناه ، وليس على صحته إذا لم يحصل دليل.
وتصرف المضارب موقوف على إذن صاحب المال ، إن أذن له في السفر به ، أو في البيع نسيئة ، جاز له ذلك ، ولا ضمان عليه لما يهلك أو يحصل من خسران ، وإن لم يأذن له في البيع بالنسيئة ، أو في السفر ، أو أذن له فيه إلى بلد معين ، أو شرط أن لا يتجر إلا في شيء معين ولا يعامل إلا إنسانا معينا ، فخالف لزمه الضمان ، بدليل إجماع الطائفة ، ويحتج على المخالف في صحة القراض مع هذه الشروط بقوله عليهالسلام : المؤمنون عند شروطهم (١) ، لأنه لم يفصل.
وإذا سافر بإذن رب المال ، كانت نفقة السفر من المأكول والمشروب والملبوس من غير إسراف من مال القراض ، ولا نفقة للمضارب منه في الحضر ،
__________________
(١) البحر الزخار : ٥ ـ ٧٦ وبداية المجتهد : ٢ ـ ٢٩٦ وسنن البيهقي : ٦ ـ ٧٩ و ٧ ـ ٢٤٩ وكنز العمال : ٤ ـ ٣٦٣ برقم ١٠٩١٨ و ١٠٩١٩ ولفظ الحديث في بعض المصادر : المسلمون ... والتهذيب : ٧ ـ ٣٧١ برقم ١٥٠٣.