فإن تعذر ذلك بتلفه وجب قيمته ، لأنه لا يمكن الرجوع فيه إلى المثل ، لأنه إن ساواه في القدر ، خالفه في الثقل ، وإن ساواه فيهما ، خالفه من وجه آخر وهو القيمة ، فإذا تعذرت المثلية ، كان الاعتبار بالقيمة ، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله عليهالسلام : من أعتق شقصا من عبد قوم عليه (١) ، فأوجب عليه القيمة دون المثل.
ويضمن الغاصب ما يفوت من زيادة قيمة المغصوب بفوات الزيادة الحادثة فيه ، لا بفعله ، كالسمن والولد وتعلم الصنعة والقرآن ـ سواء رد قيمة المغصوب أو مات في يده ـ لأن ذلك حادث في ملك المغصوب منه ، لأنه لم يزل بالغصب ، وإذا كان كذلك فهو مضمون على الغاصب ، لأنه حال بينه وبينه.
فإما زيادة القيمة لارتفاع السوق ، فغير مضمونة مع الرد ، لأن الأصل براءة الذمة ، وشغلها يفتقر إلى دليل ، فإن لم يرد حتى هلكت العين ، لزمه ضمان قيمتها بأكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين التلف ، لأنه إذا أدى ذلك برئت ذمته بيقين ، وليس كذلك إذا لم يؤده.
وإذا صبغ الغاصب الثوب بصبغ يملكه ، فزادت لذلك قيمته ، كان شريكا فيه بمقدار الزيادة فيه ، وله قلع الصبغ ، لأنه عين ماله ، بشرط أن يضمن ما ينقص من قيمة الثوب ، لأن ذلك يحصل بجنايته.
ولو ضرب النقرة دراهم ، والتراب لبنا ، ونسج الغزل ثوبا ، وطحن الحنطة ، وخبز الدقيق ، فزادت القيمة بذلك ، لم يكن له شيء ، لأن هذه آثار أفعال ، وليست بأعيان أموال ، ولا يدخل المغصوب بشيء من هذه الأفعال في ملك الغاصب ، ولا يجبر صاحبه على أخذ قيمته ، لأن الأصل ثبوت ملك المغصوب منه ، ولا دليل على زواله بعد التغيير.
__________________
(١) بداية المجتهد : ٢ ـ ٣١٧.