ويحتج على المخالف بقوله عليهالسلام : على اليد ما قبضت حتى تؤدي (١) ، وقوله : لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. (٢)
ومن غصب زيتا فخلطه بأجود منه ، فالغاصب بالخيار بين أن يعطيه من ذلك ، ويلزم المغصوب منه قبوله ، لأنه تطوع له بخير من زيته ، وبين أن يعطيه مثله من غيره ، لأنه صار بالخلط كالمستهلك ، ولو خلطه بأردأ منه ، لزمه أن يعطى من غير ذلك ، مثل الزيت الذي غصبه ، ولا يجوز أن يعطيه منه بقيمة زيته الذي غصبه ، لأن ذلك ربا ، وإن خلطه بمثله ، فالمغصوب منه شريكه فيه ، يملك مطالبته بقسمته.
ومن غصب حبا فزرعه ، أو بيضة فأحضنها ، فالزرع والفرخ لصاحبهما دون الغاصب ، لأنا قد بينا أن المغصوب لا يدخل في ملك الغاصب بتغييره ، وإذا كان باقيا على ملك صاحبه ، فما تولد منه ينبغي أن يكون له دون الغاصب ، ومن أصحابنا من اختار القول : بأن الزرع والفرخ للغاصب وعليه القيمة ، لأن عين الغصب تالفة (٣) ، والمذهب هو الأول.
ومن غصب ساجة (٤) فأدخلها في بنائه ، لزمه ردها ، وإن كان في ذلك قلع ما بناه في ملكه ، لمثل ما قدمناه من الدليل في مسألة ضرب النقرة ، وطحن الحنطة ، وكذا لو غصب لوحا ، فأدخله في سفينة ، ولم يكن في رده هلاك ما له حرمة ، وعلى الغاصب أجرة مثل ذلك من حين الغصب إلى حين الرد ، لأن الخشب يستأجر
__________________
(١) سنن البيهقي : ٦ ـ ٩٠ و ٩٥ و ١٠٠ و ٨ ـ ٢٧٦ ومسند أحمد بن حنبل : ٥ ـ ٨ و ١٣ وكنز العمال : ١٠ ـ ٢٩٨١١ ولفظ الحديث : على اليد ما أخذت.
(٢) سنن البيهقي : ٦ ـ ١٠٠ وكنز العمال : ١ ـ ٢٩ برقم ٣٩٧ ومسند أحمد بن حنبل : ٥ ـ ٧٢ والبحر الزخار : ٤ ـ ١٧٣.
(٣) الشيخ : الخلاف ، كتاب الغصب ، المسألة ٣٨ ، والقاضي : المهذب : ١ ـ ٤٥٢.
(٤) الساج : ضرب عظيم من الشجر ، الواحدة ساجة وجمعها ساجات. المصباح المنير.