فصل في إحياء الموات
قد بينا فيما مضى أن الموات من الأرض للإمام القائم مقام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصة ، وأنه من جملة الأنفال ، يجوز له التصرف فيه بأنواع التصرف ، ولا يجوز لأحد أن يتصرف فيه إلا بإذنه ، ويدل على ذلك إجماع الطائفة ، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله عليهالسلام : ليس لأحدكم إلا ما طابت به نفس إمامه. (١)
ومن أحيى أرضا بإذن مالكها ، أو سبق إلى التحجير عليها ، كان أحق بالتصرف فيها من غيره ، وليس للمالك أخذها منه ، إلا أن لا يقوم بعمارتها ، أو لا يقبل عليها ما يقبل غيره ، بالإجماع المشار إليه ، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله عليهالسلام : من أحيى أرضا ميتة فهي له (٢) ، وقوله : من أحاط حائطا على أرض فهي له (٣) ، والمراد بذلك ما ذكرناه ، من كونه أحق بالتصرف ، لأنه لا يملك رقبة الأرض بالإذن في إحيائها.
ولا يجوز لأحد أن يغير ما حماه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الكلاء ، لأن فعله حجة في الشرع ، يجب الاقتداء به كقوله ، على أن ذلك لمصلحة المسلمين ، وما قطع على أنه مفعول لمصلحتهم لم يجز نقضه.
وللإمام أيضا أن يحمى من الكلاء لنفسه ، ولخيل المجاهدين ، ونعم
__________________
(١) المحلى : ٧ ـ ٧٤ كتاب احياء الموات المسألة ١٣٤٧ ، ولفظ الحديث : إنما للمرء ما طابت نفس إمامه ونحوه في كنز العمال : ١٦ ـ ٧٤١ برقم ٤٦٥٩٨ ونقله الشيخ في الخلاف كتاب احياء الموات المسألة ٤ بلفظ : ليس للمرء إلا.
(٢) سنن البيهقي : ٦ ـ ١٤٣ ومسند أحمد بن حنبل : ٣ ـ ٣٣٨ وكنز العمال : ٣ ـ ٩١٠ برقم ٩١٤٠.
(٣) سنن البيهقي : ٦ ـ ١٤٨ ومسند أحمد بن حنبل : ٥ ـ ١٢ و ٢١.