فصل في الهبة
تفتقر صحة الهبة إلى الإيجاب والقبول ، وهي على ضربين (١) : أحدهما : لا يجوز [له] (٢) الرجوع فيه على حال ، والثاني : يجوز.
والأول : أن تكون الهبة مستهلكة ، أو قد تعوض عنها ، أو يكون لذي رحم ، ويقبضها هو أو وليه ، سواء قصد بها وجه الله تعالى أم لا ، أو لم تقبض وقد قصد بها وجه الله تعالى ، ويكون الموهوب له ممن يصح التقرب إلى الله تعالى بصلته.
والضرب الثاني : ما عدا ما ذكرناه. ويدل على ذلك الإجماع ، وقول المخالف : جواز الرجوع في الهبة ينافي القول بأنها تملك بالقبض ، يبطل بالمبيع في مدة الخيار ، فإنه يجوز الرجوع فيه وإن ملك بالعقد ، ومهما اعتذروا به عن ذلك قوبلوا بمثله ، وتعلقهم بما يروونه من قوله عليهالسلام : الراجع في هبته كالراجع في قيئه (٣) ، لا يصح ، لأنه خبر واحد ، ثم هو معارض بأخبار واردة من طرقهم في جواز الرجوع ، على أن الألف واللام إن كانتا للجنس ، دخل الكلب فيمن أريد باللفظ ، وإن كانتا للعهد ، فالمراد الكلب خاصة ، لأنه لا يعهد الرجوع في القيء إلا له.
وعلى الوجهين ، لا يجوز أن يكون المستفاد بالخبر التحريم ، لأن الكلب لا
__________________
(١) في «ج» : وهي ضربان.
(٢) ما بين المعقوفتين موجود في «ج».
(٣) سنن البيهقي : ٦ ـ ١٨٠ ومسند أحمد بن حنبل : ١ ـ ٢٥٠ و ٢٩١ و ٣٣٩ و ٣٤٢ و ٢ ـ ١٨٢ ، ولفظ الحديث : العائد في هبته كالعائد في قيئه ونحوه في الجامع الصغير : ٢ ـ ١٨٤ برقم ٥٦٥٠ وكنز العمال : ١٦ ـ ٦٤٠ برقم ٤٦١٦٤ و ٤٦١٧١ و ٤٦١٧٥ والبحر الزخار : ٤ ـ ١٣٢ كتاب الهبات.