ويستحب أن لا يحدث في كل موضع يتأذى بحصول النجاسة فيه ، كشطوط الأنهار ، ومساقط الثمار ، وأفنية الدور ، وجواد (١) الطرق.
ويستحب تقديم الرجل اليسرى عند دخول الموضع الذي يتخلى فيه ، واليمنى عند الخروج ، والدعاء عندهما وعند الاستنجاء وعند الفراغ منه. كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
ويجب الاستنجاء من الأحداث المقدم ذكرها إلا الريح ومس الميت وما يفقد معه التحصيل ، أما البول فيجب الاستبراء منه أولا بنتر (٢) القضيب والمسح من مخرج النجو إلى رأسه ثلاث مرات ، ليخرج ما لعله باق في المجرى منه ، ولا يجزئ في إزالته إلا الماء وحده مع وجوده ، وكذلك باقي هذه الأحداث ، أعني التي يجب منها الاستنجاء إلا الغائط ، فإنه يجزئ فيه الأحجار مع وجود الماء ، أو ما يقوم مقامها من الجامد الطاهر المزيل للعين ، سوى المطعوم والعظم والروث.
ومن السنة أن تكون ثلاثة إلا أن الماء أفضل ، والجمع بينهما أفضل من الاقتصار على الماء وحده ، هذا ما لم يتعد النجو مخرجه ، فإن تعداه لم يجز في إزالته إلا الماء. ويدل على جميع ذلك الإجماع المشار إليه ، وطريقة الاحتياط ، فإن من استنجى على الوجه الذي ذكرناه ، وصلى برئت ذمته بيقين ، وليس كذلك إذا لم يستنج ، أو استنجى بخلاف ما ذكرناه.
وأما النوم فبمجرده (٣) حدث ، من غير اعتبار بأحوال النائم بدليل الإجماع المشار إليه ، وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ). الآية (٤) ، والمراد : إذا قمتم من النوم ، على ما قاله المفسرون ، لأنها خرجت على سبب
__________________
(١) الجادة : وسط الطريق ، والجمع : جواد ، كدابة ودواب.
(٢) النتر : جذب الشيء بجفوة ، ومنه نتر الذكر في الاستبراء.
(٣) في «ج» : فإنه بمجرده.
(٤) المائدة : ٦.