الفصل الحادي عشر :
في الطلاق
تفتقر صحة الطلاق الشرعي إلى مثل ما افتقر إليه الظهار من الشروط ، ولا يصح إلا من عاقل مختار قاصد إلى التحريم به غير حالف ولا ساه ولا حاك عن غيره ولا لاعب ، متلفظ بصريحه ـ وهو لفظ الطلاق دون كناياته نحو : أنت حرام أو بائنة أو خلية أو برية أو الحقي بأهلك أو حبلك على غاربك وما أشبه ذلك ، وإن قارنته النية ـ مطلق له من الاشتراط ، موجه به إلى معقود عليها عقد دوام ، معين لها ، معلق له بجملتها دون أبعاضها ، بمحضر من شاهدي عدل ، في طهر لا جماع فيه ، إلا في حق من استثنيناه.
ويدل على ذلك ما قدمناه من الدليل في شروط الإيلاء.
ويخص اعتبار لفظ الطلاق ، أنه الذي ورد به القرآن وتعلقت به الأحكام ، فيجب أن لا يتعلق بغيره ، ولا يقال لمن فعل ما فيه معنى الطلاق «مطلق» كما لا يقال لمن فعل ما فيه معنى الضرب «ضارب».
ويخص تعليق الطلاق بالشرط ، أن ذلك غير مشروع ، لأن الله سبحانه لم يشرع لمريد الطلاق أن يعلقه بأمر يجوز حصوله وارتفاعه ، لأن ذلك لا يطابق مراده ، وإذا لم يكن مشروعا ، لم يتعلق به شيء من الأحكام الشرعية ، وبمثل ذلك يبطل تعليق الطلاق بالأبعاض ، لأنه ليس من الألفاظ المشروعة في الطلاق فيجب أن لا يقع ، وأيضا قوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) (١) ، يدل على ذلك ، لأنه علق الطلاق بما يتناوله اسم النساء ، واليد أو الرجل لا يتناولهما
__________________
(١) الطلاق : ١.