ولم تخالطه نجاسة ، فإنه طاهر مطهر بلا خلاف ، فإن خالطته وكان راكدا كثيرا ليس من مياه الآبار أو جاريا قليلا كان أو كثيرا ، ولم يتغير بها أحد أوصافه ، من لون أو طعم أو رائحة ، فإنه طاهر مطهر أيضا بلا خلاف إلا في مقدار الكثير ، ويدل على ذلك أيضا بعد إجماع الطائفة قوله تعالى (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (١) ، لأن مخالطة النجاسة للماء الجاري أو الكثير الراكد إذا لم يتغير أحد أوصافه ، لا يخرجه عن استحقاق إطلاق هذا الاسم والوصف معا عليه ، وإذا كان كذلك وجب العمل بالظاهر إلا بدليل قاطع.
فإن تغير أحد أوصاف هذا الماء فهو نجس بلا خلاف ، فإن كان الماء راكدا قليلا ، أو من مياه الآبار ، قليلا كان أو كثيرا ، تغير بالنجاسة أحد أوصافه أو لم يتغير ، فهو نجس بدليل إجماع الطائفة وظاهر قوله تعالى (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) (٢) وقوله (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (٣) وقوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (٤) لأنه يقتضي تحريم استعمال الماء المخالط للنجاسة مطلقا ، من غير اعتبار بالكثرة وتغير أحد الأوصاف ، وإنما يخرج من ذلك ما أخرجه دليل قاطع.
وحد الكثير ما بلغ كرا أو زاد عليه ، وحد الكر وزنا ألف ومائتا رطل ، وحده مساحة لموضعه ثلاثة أشبار ونصف طولا في مثل ذلك عرضا في مثله عمقا بالإجماع ، ونحتج على المخالف بما روى من طرقهم من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا» (٥).
__________________
(١) الفرقان : ٤٨.
(٢) الأعراف : ١٥٧.
(٣) المدثر : ٥.
(٤) المائدة : ٣.
(٥) نسبه المؤلف إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ونسبه الشيخ في الخلاف ـ كتاب الطهارة المسألة ١٢٦ ـ إلى أئمتنا عليهمالسلام ، ونقله السيد المرتضى في الانتصار : ٨ ولم نعثر عليه مع الفحص الأكيد في الصحاح والمسانيد وإنما المروي في كتبهم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا كان الماء قدر قلتين لم يحمل الخبث» لاحظ السنن الكبرى : ١ / ٢٦١ وجامع الأصول : ٨ / ١٢ مع اختلاف في التعبير.