ويجب السلام ، على خلاف بين أصحابنا في ذلك (١) ويدل على ما اخترناه أنه لا خلاف في وجوب الخروج من الصلاة ، وإذا ثبت ذلك ولم يجز بلا خلاف بين أصحابنا الخروج منها بغير السلام من الأفعال المنافية لها ، كالحدث وغيره على ما يقول أبو حنيفة ، ثبت وجوب السلام.
ويعارض المخالف من غير أصحابنا بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : صلوا كما رأيتموني أصلي (٢) وقوله : مفتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم (٣) ، لأنه يدل على أن غير التسليم لا يكون تحليلا لها.
ويسلم المفرد تسليمة واحدة إلى جهة القبلة ، ويومئ بها إلى جهة اليمين ، وكذلك الإمام ، والمأموم كذلك إلا أن يكون على يساره غيره ، فإنه حينئذ يسلم يمينا وشمالا ، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
ويعارض المخالف بما روته عائشة من أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يسلم في صلاته تسليمة واحدة يميل بها إلى شقه الأيمن قليلا ، وبما رواه سهل بن سعد الساعدي (٤) من أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يسلم تسليمة واحدة لا يزيد عليها ، ذكر هذين الخبرين الدار قطني (٥).
ويجب أن لا يضع المصلي اليمين على الشمال ولا يقول : «آمين» آخر الحمد ، بدليل الإجماع المشار إليه ، وطريقة الاحتياط ، واليقين ببراءة الذمة من الصلاة ، ولأن ذلك عمل كثير خارج عن الأعمال المشروعة في الصلاة ، من القراءة ، والركوع ، والسجود ، والتسبيح ، والدعاء ، وما كان كذلك لم يجز فعله.
__________________
(١) لاحظ جواهر الكلام : ١٠ ـ ٢٧٨.
(٢) تقدم مصدر الحديث آنفا.
(٣) سنن الدار قطني : ١ ـ ٣٧٩ برقم ١ ، والجامع الصغير برقم ٨١٩٣ وسنن البيهقي : ٢ ـ ٨٥ و ٣٧٩.
(٤) سهل بن سعد بن مالك الأنصاري الساعدي ، مات سنة ٨٨ أو ٩١ ه. أسد الغابة : ٢ ـ ٣٦٦.
(٥) الدار قطني هو أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي ، كان يحفظ عدة من الدواوين منها ديوان السيد الحميري ، فنسب إلى التشيع لذلك ، مات ٣٨٥ ه. سنن الدار قطني : ١ ـ ٣٥٨ برقم ٧ و ١٠.