التصنيف ـ أن يقنع في النقل بقوله : فلان في أصله ، أو في كتابه ، أو ما يقرب منه ، خصوصا في الكتب التي كانت في عصره أشهر من أن تحتاج في مقام النسبة إلى السند.
وبالجملة فاعتقاد كون جلّ أسانيد الكافي غير مفيد إلاّ التيمّن ، الذي لم نجد له أصلا يوجب التمسك به كما هو نتيجة ما حقّقه هو وغيره ، ممّا يأباه الذوق السليم ، واحتمال كون ذكره للاحتياج إليه في مثل أعصارنا ـ التي خفي علينا فيها ما كان عندهم من القرائن ـ بعيد في حقّه ، وإنّما هو آت في كلام من هو عالم بما يحدث بعده من الفتن.
وممّا يؤيّد ما ذكرنا قصّة ابن عيسى مع الوشاء ، التي أشار إليها شارح الوافي كما تقدّم (١) واستشهد بها لمقصوده ، وهي على خلافه أدلّ.
قال النجاشي في رجاله : أخبرني ابن شاذان ، قال : حدثنا أحمد بن محمّد ابن يحيى ، عن سعد ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، قال : خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث فلقيت بها الحسن بن علي الوشاء ، فسألته أن يخرج لي كتاب العلاء بن رزين القلاّء وأبان بن عثمان الأحمر ، فأخرجهما إليّ ، فقلت له : أحبّ أن تجيزهما لي ، فقال لي : يرحمك الله وما عجلتك؟! اذهب فاكتبهما واسمع من بعد ، فقلت : لا آمن الحدثان ، فقال : لو علمت أنّ هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه ، فإنّي أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كلّ يقول : حدثني جعفر بن محمّد عليهماالسلام (٢).
وأنت خبير بأنّ هذه الحكاية ظاهرة بل صريحة في أنّ ابن عيسى كان عالما بالنسبة إلاّ أنّه لم يجدهما (٣) وأنّه لمّا أتى بهما الوشاء لم يقنع بالعثور عليهما بل طلب
__________________
(١) تقدم في صحيفة : ٢٨.
(٢) رجال النجاشي : ٢٨.
(٣) أي : كتاب القلاّء ـ وقد طبع ضمن الأصول الستّة عشر ـ وكتاب الأحمر لا زال مخطوطا.