وتصدّى لبيان تفصيله صاحب الحدائق (١) ، فمن أراده فعليه بمراجعة كلامه.
وكيف كان : فحكم المسألة واضح بحمد الله سبحانه ، ولا يقتضي لأجل ذلك زيادة كلام في تحقيقه.
الجهة الثانية : لا فرق فيما تقدّم من حكم عدم انفعال الكرّ بملاقاة النجاسة بين شيء من أفراده حتّى ما في الحياض والأواني كما عليه المعظم ، وادّعى عليه الشهرة على حدّ الاستفاضة ، بل الإجماع في بعض العبائر ، بناء على شذوذ المخالف وانقطاع خلافه ، حيث لم ينسب الخلاف إلّا إلى المفيد (٢) والسلّار (٣) لمصيرهما إلى الانفعال في الحياض والأواني وإن كان كرّا.
لنا : عموم ما تقدّم من أخبار الكرّ المعتضد بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ، والأصل المتقدّم تحقيقه ، مع عموم الروايات المتقدّمة ، القاضية بحصر الانفعال في التغيّر ، الصادق عليها قضيّة قولهم : « خرج ما خرج وبقى الباقي » ، الّذي منه الكرّ بجميع أفراده.
مضافا إلى خصوص ما في التهذيب والاستبصار والكافي عن صفوان الجمّال قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الحياض الّتي ما بين مكّة إلى المدينة تردها السباع ، وتلغ فيها الكلاب ، وتشرب منها الحمير ، ويغتسل منها الجنب ، أيتوضّأ منها؟ فقال عليهالسلام « وكم قدر الماء؟ قلت : إلى نصف الساق وإلى الركبة ، فقال عليهالسلام : توضّأ منه » (٤).
وما تقدّم من رواية العلاء بن الفضيل ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الحياض يبال فيها؟ قال : « لا بأس إذا غلب لون الماء لون البول » (٥).
وما في التهذيب والفقيه عن إسماعيل بن مسلم عن جعفر عن أبيه عليهالسلام أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أتى الماء فأتاه أهل الماء فقالوا : يا رسول الله إنّ حياضنا هذه تردها السباع والكلاب والبهائم ، قال صلىاللهعليهوآله : « لها ما أخذت بأفواهها ولكم سائر ذلك » (٦).
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٢٥٠.
(٢) المقنعة : ٦٤.
(٣) المراسم العلويّة : ٣٦.
(٤) الوسائل ١ : ١٦٢ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ١٢ ـ التهذيب ١ : ٤١٧ / ١٣١٧ ـ الاستبصار ١ : ٢٢ / ٥٤ ـ الكافي ٣ : ٤ / ٧.
(٥) الوسائل ١ : ١٣٩ ، ب ٣ من أبواب الماء المطلق ح ٧ ـ التهذيب ١ : ٤١٥ / ١٣١١ ، الاستبصار ١ : ٧ / ٧.
(٦) الوسائل ١ : ١٦١ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ١٠ ـ التهذيب ١ : ٤١٤ / ١٣٠٧ الفقيه ١ : ٨ / ١٠.