وجوابه : أنّه محمول على القلّة جمعا بين الأدلّة أو النهي ليس هنا للتحريم ، وعلى فرضه فلا ملازمة بينه وبين النجاسة إلّا بضميمة الإجماع وهو هنا على خلافه.
والزم أيضا : بأنّه لا يقول به في بول الكلب ، فلأن لا يقول به في بول الآدميّين طريق الأولويّة ؛ لأنّ نجاسة بول الكلب أزيد من نجاسته.
الثالث : لو اغترف من كرّ فيه نجاسة غير متميّزة كان المجموع من المأخوذ والباقي وآلة الاغتراف طاهرا ، ولو كانت النجاسة متميّزة فإن لم يخرج الباقي عن الكرّيّة كان الجميع أيضا طاهرا ، وإلّا كان المأخوذ مع باطن الآنية طاهرين ، والباقي مع ظاهر الآنية الملاصق للماء حين خروجها عنه نجسين.
هذا على تقدير دخول الآنية بأجمعها في الماء على وجه لم يخرج ما فيها وما في خارجها عن الاتّصال ، وإلّا نجس الجميع ، لخروج الماء بدخول جزء أوّل منه في الإناء عن الكرّيّة فينجّس بتخلّل الفصل بينه وبين ما فيها ، ولو دخلت النجاسة في الآنية في هذا الفرض فإن كان دخولها بأوّل جزء من الماء كان ما في الآنية مع باطنها نجسين والباقي مع ظاهرها طاهرين ، وإن كان دخولها أخيرا كان الجميع نجسا إن اتّفق سلب الاتّصال فيما بين ما دخل فيها وما خرج عنها ؛ لأنّ الخارج بانقطاعه عن الداخل في أوّل المرتبة قد صار نجسا ، لخروجه عن الكرّيّة ثمّ دخل منه ثانيا فيها جزء آخر وهو نجس ، وإلّا اختصّ النجاسة بما فيها مع باطنها ، وأمّا الباقي مع ظاهرها فهما باقيان على الطهارة.
الرابع : لو دخل الكلب أو أحد أخويه في الكرّ ، فهو طاهر ما دام الكلب داخلا فيه ، إن لم يتلف منه شيئا بشرب ونحوه ، وإذا خرج عنه انقلب حكمه إلى النجاسة من جهة الملاقاة مع القلّة ، كما أنّه كذلك على تقدير الإتلاف ولو مع الدخول.
الخامس : عن العلّامة في المنتهى : « أنّه لو جمد الكثير ثمّ أصابته نجاسة بعد الجمود ، فالأقرب عدم تنجّسه بها ما لم تغيّرها ، محتجّا بأنّ الجمود لم يخرجه عن حقيقته بل هو مؤكّد لثبوتها ، فإنّ الآثار الصادرة عن الحقيقة كلّما قويت كانت أوكد في ثبوتها ، والبرودة من معلولات طبيعة الماء وهي تقضي الجمود ، وإذا لم يكن ذلك مخرجا له عن الحقيقة كان داخلا في عموم قوله عليهالسلام : « إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه