ينبوع
الماء إذا كان دون الكرّ فله أنواع ، كالراكد والجاري والمطر والحمّام والبئر وستسمع البحث عن جميع هذه الأنواع ، ولنقدّم البحث عن الأوّل لكونه ممّا يعلم به ما لا يعلم بتقديم البواقي كما لا يخفى ، فالكلام فيه يقع في مقامين :
المقام الأوّل :
في انفعال القليل من الراكد بملاقاة النجاسة في الجملة ، والمعروف من مذهب الأصحاب ـ المدّعى عليه إجماع الفرقة تارة ومقيّدا باستثناء من يأتي من أصحابنا اخرى ـ أنّه ينفعل بمجرّد الملاقاة تغيّر أو لم يتغيّر ، خلافا للعماني ـ ابن أبي عقيل الحسن من قدماء أصحابنا (١) ـ لمصيره فيه إلى عدم الانفعال إلّا في صورة التغيّر كالكرّ ، ثمّ وافقه على ذلك المحدّث الكاشاني (٢) وغيره من جماعة من المتأخّرين على ما حكي عنهم ، وعن العامّة في منتهى العلّامة (٣) اختلافهم في ذلك ، فعن أبي حنيفة (٤) وسعيد بن جبير (٥)
__________________
(١) نقله عنه في مختلف الشيعة ١ : ١٧٦ ـ الحسن بن عليّ بن أبي عقيل : أبو محمّد العماني الحذّاء ، فقيه متكلّم ، ثقة ، وعرّفه الشيخ بالحسن بن عيسى ، يكنّى أبا علي ، وجه من وجوه أصحابنا ، وهو أوّل من هذّب الفقه واستعمل النظر وفتق البحث عن الاصول والفروع في ابتداء الغيبة الكبرى ، وله مؤلّفات منها : كتاب المتمسّك بحبل آل الرسول ـ الفهرست للطوسي : ٥٤ ، رجال النجاشي : ٤٨ ، خلاصة الأقوال : ٤٠ ، تنقيح المقال ١ : ٢٩١.
(٢) مفاتيح الشرائع ١ : ٨١.
(٣) منتهى المطلب ١ : ٤٤.
(٤) المبسوط للسرخسي ١ : ٧٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٧١ ، شرح فتح القدير ١ : ٦٨ ، نيل الأوطار ١ : ٣٦.
(٥) سعيد بن جبير الوالبي : أبو محمّد مولى بني والبة ، تابعيّ كوفيّ ، نزيل مكّة. الفقيه المحدّث ، روى عن ابن عبّاس وعديّ بن حاتم ، وروى عنه جعفر بن أبي المغيرة والأعمش وعطاء بن السائب وغيره ، وعدّه الشيخ من أصحاب الإمام عليّ بن الحسين ، وكان يسمّى جهبذة العلماء ، قتله الحجّاج بعد محاورة طويلة معه. رجال الطوسي : ٩٠ ـ خلاصة الأقوال : ٧٩ ، تذكرة الحفّاظ ١ : ٧٦.