ينبوع
كون الماء من أظهر المفاهيم تناولا وأشيعها عند العرف تداولا ممّا يغنينا عن التعرّض لشرحه ، بإيراد ما يتعلّق به من الضوابط المعمولة في تشخيص الموضوعات ، لغويّة أم عرفيّة.
نعم ، هو باعتبار وصف كونه مطلقا في مقابلة المضاف عبارة ـ على ما في كلام غير واحد من الأصحاب ـ عن كلّ ما يستحقّ إطلاق اسم الماء عليه من غير إضافة ، على معنى كونه بحيث لو أطلق عليه الاسم بلا قيد ولا إضافة كان ذلك الإطلاق باعتبار استناده إلى الوضع اللغوي أو العرفي في محلّه ، الّذي يكشف عنه عدم اشتماله على الغرابة في لحاظ الاستعمال ، ولا صحّة سلب الاسم عنه في نظر العرف ، وإن فرض وقوعه في بعض الأحيان مقرونا بالقيد والإضافة ، فخرج عنه ماء الورد والعنب واللحم ونظراؤه ، كما دخل فيه ماء البحر والكوز والملح وأشباهه.
ووضوح كون ذلك التفسير من مقولة التعريف اللفظي ـ المقصود منه تفسير اللفظ لخفاء مسمّاه بأظهر ما يرادفه ممّا علم فيه بذلك المسمّى ، كالأسد بالقياس إلى الليث مثلا ، وعلى قياسه ما عليه طريقة نقلة متون اللغة في ذكر معاني الألفاظ ـ ممّا يدفع حزازة اشتماله على لفظة « الكلّ » جنسا ؛ نظرا إلى أنّ الماهيّة لمكان البينونة بينها وبين الأفراد لا تعرّف بما لا يدلّ إلّا على الأفراد ، وعلى لفظة « الماء » فصلا بملاحظة أدائه إلى الدور ، المستحيل معه حصول المعرفة ، فإنّ كلّ ذلك إنّما يمنع عنه في التعاريف الحقيقيّة المعبّر عنها بالحدود والرسوم ، التفاتا إلى أنّ المقصود فيها الكشف عن الماهيّة والتوصّل من معلوم تصوّري تفصيلا إلى مجهوله ، وهو ممّا لا يتأتّى بما يباين الماهيّة