نجسة في قارورة من ماء الورد فنفي الإشكال فيه عن انفعال جميعه ، نافيا للخلاف عنه ، وهو أيضا ليس ببعيد بالنظر إلى ما قرّرناه في الفرع الثاني ، وإن كنّا رجّحنا خلافه في أصل المسألة ردّا على السيّد المتقدّم قدسسره ، فإنّ الظاهر أنّ ما ذكرناه ثمّة من الفرض داخل في عنوان متساوي السطوح من الوارد على النجاسة ، فتأمّل.
ولكنّ الاحتياط ممّا لا ينبغي تركه على كلّ حال ، كما أنّ الاحتياط ممّا لا ينبغي ترك مراعاته فيما لا يكون الاختلاف بين الأعلى والأسفل على جهة التسنيم ، ولا سيّما ما كان من السافل له حركة ضعيفة كما في بعض صور الانحدار ، والله العالم ، هذا تمام الكلام في أوّل ما استثني من قاعدة انفعال القليل بالملاقاة.
والثاني : ممّا استثنى منها وفاقا في الجملة ماء الاستنجاء ، والمراد به ماء يغسل به موضع النجو ، يقال : استنجيت ، أي غسلت موضع النجو ، ومنه الاستنجاء أعني إزالة ما يخرج من النجو ، كذا في المجمع (١) ، والنجو ـ على ما فيه أيضا ـ الغائط ، ومنه الحديث لم ير للنبيّ صلىاللهعليهوآله نجو (٢) أي غائط ، وما بمعنى الحدث ومنه أنجى أي أحدث ، ولعلّه بهذا المعنى مخصوص بالغائط والبول أو يشملهما أيضا ، ومع الغضّ عنه فظاهر التفسير الأوّل اختصاصه بالغائط ، وعليه لا يتناول الاستنجاء إزالة البول وغسل موضعه ، ولكن الّذي يظهر من الأخبار كونه للأعمّ ، كما يشهد به صحيحة أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام أبول ، وأتوضّأ ، وأنسى استنجائي ، ثمّ أذكر بعد ما صلّيت قال : « اغسل ذكرك ، وأعد صلاتك ، ولا تعد وضوءك » (٣).
ولا يبعد دعوى ثبوت الحقيقة الشرعيّة له في المعنى الأعمّ ، كما يفصح عنه صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « لا صلاة إلّا بطهور ، ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار ، بذلك جرت السنّة من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأمّا البول فإنّه لا بدّ من غسله » (٤) ، فإنّه لو لا للأعمّ لما حاجة إلى قوله عليهالسلام : « وأمّا البول الخ » ، إذ احتمال التجوّز ممّا لا يعتنى به
__________________
(١ و ٢) مجمع البحرين ؛ مادّة « نجو ».
(٣) الوسائل ١ : ٢٩٤ ب ١٨ من أبواب نواقض الوضوء ح ٣ ـ التهذيب ١ : ٤٦ / ١٣٣ ، وفيهما : بإسناد الشيخ عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن أيّوب بن نوح عن صفوان بن يحيى قال : حدّثني عمرو بن أبي نصر إلخ.
(٤) التهذيب ١ : ٤٩ / ١٤٤.