الخوانساري في شرح الدروس (١) التشكيك في ذلك لو لا مستنده الإجماع ، حيث إنّه بعد ما ذكر الشرط المذكور قال : « والظاهر أنّه إجماعي وإلّا لأمكن المناقشة ، إذ الروايات الدالّة على نجاسة المتغيّر عامّة وهذه الروايات خاصّة ».
واعترض عليه في المناهل : « بمنع ذلك بل بينهما عموم من وجه ، فإنّ أخبار ماء الاستنجاء من حيث موردها خاصّة ، ومن حيث شمولها لحالتي التغيّر وعدمه عامّة ، وما دلّ من الأخبار على نجاسة الماء بالتغيّر بالنجاسة من حيث اختصاص مورده بالتغيّر خاصّ ، ومن حيث شمولها لماء الاستنجاء وغيره عامّ ، فإذن ينبغي الرجوع إلى وجوه الترجيح ، ومن الظاهر أنّها مع الأخبار الدالّة على نجاسة الماء بالتغيّر بالنجاسة ، فلا يجوز العدول عنها » (٢) الخ.
ولعلّ نظره في دعوى كون الترجيح مع تلك الأخبار ، إلى العمل والفتوى ونقل الإجماع وغيره من المرجّحات الخارجة ، وإلّا فمع الغضّ عن ذلك فالمرجّح الداخلي من حيث الدلالة في جانب أخبار المقام ، لكونها أقلّ أفرادا من الأخبار الدالّة على نجاسة المتغيّر ، فتكون أظهر منها دلالة فيكون حكمها حكم الخاصّ ، ولعلّه الّذي أراده الخوانساري من حكمه على تلك الأخبار بكونها خاصّة.
فالتحقيق : في إثبات هذا الشرط ـ على نحو ينطبق على القواعد ، ولا يبتني على ثبوت الإجماع عليه ، بحيث لو لا ثبوته كان الحكم بالاشتراط في موضع التأمّل أن يقال : بمنع الإطلاق في روايات المقام بحيث يشمل صورة التغيّر وإن فرضناها خاصّة بالقياس إلى أخبار التغيّر ، لا لما ذكره في المناهل من ندرة التغيّر في ماء الاستنجاء ، بل لأنّ التغيّر حيثيّة اخرى مبيّن حكمها في الخارج ، والملحوظ في المقام إنّما هو حيثيّة الاستنجاء من حيث هو مع قطع النظر عن الحيثيّات الاخر ، ومن البيّن اختلاف العنوانات باختلاف الحيثيّات.
وما توهّم من الإطلاق وإن كان إطلاقا في الأحوال غير أنّه إنّما يجدي في تعميم الحكم بالقياس إلى ما شمله من الأحوال ، إذا لم يكن الحالة حيثيّة ممتازة عن غيرها بحكم مبيّن لها في الخارج ؛ ضرورة أنّ عدم اعتبار الإطلاق معه لا يكون منافيا
__________________
(١) مشارق الشموس : ٢٥٣.
(٢) المناهل ـ كتاب الطهارة ـ (مخطوط) الورقة : ١٤٣.