معارضة قاعدة الانفعال للصحيحتين المتقدّمتين وغيرهما ، ممّا يقضي بإطلاقه على عدم النجاسة حتّى مع الملاقاة والقلّة ، والنسبة بينهما عموم من وجه ، غير أنّ الخطب فيه سهل ، لوجود المرجّح في جانب القاعدة ، مع عدم ظهور مخالف فيه ظاهرا كما عرفت.
هذا كلّه في حكمها بالقياس إلى الطهارة ، وأمّا حكمها من حيث الطهوريّة فمحلّ إشكال ، من حيث إنّ الموثّقة المذكورة تضمّنت المنع عن الاغتسال ، وهو شامل لكلا تقديري الدلالة على الطهارة وعدمها.
ويدفعه : أيضا ابتناء ثبوت المنع عن الطهوريّة ـ كالطهارة ـ على جعل ما سبق علّة للحكم لا قيدا لموضوعه ، وإلّا خرج عن دلالته عليه في صورة الشكّ ، لكن الأحوط الاجتناب عنه في مقام الطهوريّة ، كما أنّ الأحوط الجمع بين استعماله في رفع الحدث وبين التيمّم مع الانحصار.
نعم ، الظاهر أنّ كراهة التطهير بها في رفع الحدث مع الاختيار ممّا لا ينبغي إنكاره ، لما في الوسائل عن الكافي ، عن عليّ بن جعفر ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام : « من اغتسل من الماء الّذي قد اغتسل فيه ، فأصابه الجذام فلا يلومنّ إلّا نفسه ، فقلت ـ لأبي الحسن عليهالسلام ـ : أنّ أهل المدينة يقولون : إنّ فيه شفاء من العين ، فقال : كذبوا يغتسل فيه الجنب من الحرام ، والزاني ، والناصب الّذي هو شرّهما وكلّ من خلق الله ، ثمّ يكون فيه شفاء من العين؟ » الحديث. (١) فإنّها وإن كانت ظاهرة في غير محلّ البحث ، غير أنّ الحكم يتعدّى إليه بالأولويّة ، ولا يقدح ما في سندها من الضعف والجهالة في صحّة الاستناد إليها هنا ، تسامحا في أدلّة السنن ، وهذه الرواية لو كانت جامعة لشرائط الحجّيّة من حيث السند ، لكانت صالحة لصرف الروايات المتقدّمة المانعة عن الاغتسال بغسالة الحمّام عن ظواهرها ، بحمل نواهيها على الكراهة والتنزيه ، ولذا احتملناها سابقا فيها ، والله العالم بحقائق أحكامه.
الثالث
في الماء المستعمل في رفع الحدث الأصغر، وهذا أحد أقسام المستعمل ، الّذي ينقسم عندهم إلى ما يكون مستعملا في إزالة حدث ، أو خبث ، أو مطلقا ، والأوّل إمّا في
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢١٩ ب ١١ من أبواب الماء المضاف ح ٢ ـ الكافي ٦ : ٥٠٣ / ٣٨.