ينبوع
الماء الجاري ممّا أفرده الأصحاب بعنوان مستقلّ ، لما في قليله عند أهل القول بانفعال القليل بالملاقاة ، من الخلاف في انفعاله ، وإلّا فهو على القول المشهور من عدم انفعاله كان ينبغي أن يذكر في عداد المستثنيات عن قاعدة انفعال القليل ، ونحن أيضا أفردناه بالعنوان ، ولكن عقيب الفراغ عن المستثنيات اقتفاء لأثرهم ، مع مراعاة المناسبة المذكورة على قدر الإمكان.
وكيف كان : فاختلفت كلمتهم في تفسير الجاري هنا ؛ ففي المجمع ـ نقلا عن المصباح ـ : « الماء الجاري هو المتدافع في انحدار واستواء » (١) وفي مفتاح المعاني ـ الّذي هو منتخب من الصحاح والقاموس وغيرهما ـ « جرى الماء سال » (٢).
وعن بعض متأخّري المتأخّرين الاكتفاء بمطلق السيلان ولو لا عن مادّة ، استنادا إلى صدق « الجاري » على المياه الجارية عن ذوبان الثلج ، خصوصا إذا لم ينقطع في السنة.
وفي حاشية الشرائع ـ للشيخ عليّ ـ والمراد بالجاري : « ما كان نابعا من الأرض » (٣).
وعنه في حاشية الإرشاد والمراد به : « النابع من الأرض دون ما اجري » (٤) ، فإنّه واقف وإن لم يتنجّس العالي منه بنجاسة السافل إذا اختلف السطوح وعنه في جامع المقاصد المراد به : « النابع ، لأنّ الجاري لا عن نبع من أقسام الراكد » (٥).
وعن المسالك : « المراد بالجاري النابع غير البئر سواء جرى أم لا ، وإطلاق الجريان
__________________
(١) مجمع البحرين ؛ مادّة « جري ».
(٢) المصباح المنير : مادّة « جرى ».
(٣) حاشية شرائع الإسلام ـ للمحقّق الكركي ـ (مخطوط) الورقة : ٣.
(٤) حاشية إرشاد الأذهان ـ للمحقّق الكركي ـ (مخطوط) الورقة : ٣٩.
(٥) جامع المقاصد ١ : ١١٠.