« ينبوع »
اتّفقت كلمتهم على إلحاق ماء الحمّام بالجاري ، بقولهم : « يلحق به » وما يؤدّي مؤدّاه ، وكأنّه جرى على مقتضى ما ورد في النصوص من تنزيله منزلة الجاري أو تشبيهه به ، وقضيّة ذلك كونه فرعا له في كلّ ما يلحق به من الأحكام ، أو أنّ في خصوص ما عقدوا له الباب المتقدّم من عدم اشتراط الكرّيّة فيه ، فحينئذ يشكل الحال بالنظر إلى خلافهم الآتي ـ في الفرع ـ من اشتراط كرّيّة المادّة كما عليه المشهور ، أو كرّيّة المجموع منها وممّا في الحياض مطلقا ، أو مع تساوي سطحهما أو انحدار المادّة ، وليس شيء من ذلك مذكورا في الأصل ولا في النصوص القاضية بالفرعيّة ، واستفادته من الخارج يوجب إلحاقه بالراكد البالغ مجموعه كرّا ، أو المتّصل بما يبلغ كرّا لا بالجاري ، بل يوجب ذلك كونه في الحقيقة من أفراد الراكد الّذي يعتبر في عدم انفعاله الكرّيّة ، وإن اختلفت سطوحه كما عليه الأكثر ، ومعه لا معنى لإفراده بالذكر فضلا عن إلحاقه بالجاري.
ثمّ إنّه أيّ فرق بين المقام مع فرض الاتّصال بالمادّة المأخوذ في موضوع الحكم وبين الغديرين الموصل بينهما بساقية ، المعدود في كلام جمع من المتأخّرين من أقسام الراكد ، المكتفى فيه عندهم بكرّيّة مجموع ما فيهما وفي الساقية ، وأيّ شيء أوجب إفراد المقام عن المفروض ، ودعا فيه إلى اعتبار الكرّيّة في المادّة ، ونفي كفاية بلوغ المجموع كرّا خصوصا إذا كان مستند اعتبار الكرّيّة في المادّة أو في المجموع أدلّة انفعال القليل واشتراط الكرّيّة في عدم الانفعال ، فإنّ اتّحاد طريق المسألتين يقضي بكونهما من واد واحد ، فكيف يفرّق بينهما بجعل إحداهما فرعا لباب ، وإفراد الاخرى بباب على حدّة.