ينبوع
ما عرفت من الحكمين الكلّيّين إنّما يلحقان الماء ما دام باقيا على خلقته الأصليّة وصفاته الأوّليّة كما تقدّم الإشارة إليه ، والسرّ في هذا القيد أنّه قد يطرئه بعنوانه الكلّي على النهج المتقدّم من غير استثناء شيء ما يقابل الحكمين لعارض التغيّر من جهة النجاسة ، فيحكم بنجاسته حينئذ وعدم صلوحه للمطهّريّة إلى أن يثبت لها مزيل شرعي ، وكان ذلك أصل ثانوي ورد على الأصل الأوّلي الدائر بين الحكمين ، ولا تعارض بينهما لورود كلّ موضوعا غير موضوع الآخر كما عرفت ، وفائدتهما أنّه لو شكّ في نجاسة فرد من المتغيّر يلحق بالثاني لانتفاء موضوع الأوّل ، كما أنّه لو شكّ في فرديّة شيء للمتغيّر يلحق بالأوّل لعدم كون موضوع الثاني محرزا ، وكيف كان فتحقيق القول في هذا العنوان يستدعي رسم مطالب :
المطلب الأوّل :
إذا تغيّر الماء مطلقا بسبب النجاسة في أحد أوصافه الثلاثة ، أعني اللون والطعم والرائحة ، فقال الأصحاب ـ قولا واحدا في الجملة ـ : بأنّه ينجّس ، وعليه نقل الإجماعات فوق حدّ الكثرة ، وفي الدلائل (١) : « كونها فوق حدّ الاستفاضة » ، وفي الجواهر (٢) : « أنّها كادت تكون متواترة » ، وفي الحدائق (٣) : « نفي الخلاف والإشكال عنه » ، وفي [حاشية الإرشاد (٤)] : « لا خلاف فيه » ، وفي الرياض (٥) : « بالإجماع
__________________
(١) لم نعثر عليه.
(٢) جواهر الكلام ١ : ١٩٠.
(٣) الحدائق الناضرة ١ : ١٧٨.
(٤) وفي المصدر [حد]. والمظنون أنّ المراد منه حاشية الارشاد كما أثبتناه في المتن ، ولكنّا.
(٥) رياض المسائل ١ : ١٣٣.