الحمّام وإلّا أشكل الحال غاية الإشكال وقوي معه احتمال تعيّن إلقاء الكرّ في تطهيره ، وعلى أيّ حال فالاحتياط في مثله المعتضد بالاستصحاب ممّا لا ينبغي تركه جدّا.
الرابعة : كما أنّ القليل المتنجّس يطهّر بإلقاء كرّ عليه فكذا يطهّر بالجاري ونزول الغيث ، أمّا الأوّل فقد نصّ عليه غير واحد منهم الشهيد في الدروس (١) وغيره ، بل الظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه في الجملة كما في شرح الدروس للخوانساري (٢).
نعم ، على القول باشتراط الكرّيّة في عدم انفعال الجاري يعتبر الكرّيّة ؛ وأمّا على المختار فالكرّيّة ليست بمعتبرة هنا كما أنّ الظاهر عدم اعتبار الدفعة هنا ، بل لا معنى له بعد ملاحظة أنّ وصف الجريان لا يجامعه الدفعة بالمعنى المتقدّم ؛ وأمّا الامتزاج فقد صرّح غير واحد بأنّ الكلام فيه هنا كالكلام في إلقاء الكرّ ، وقضيّة ذلك كونه معتبرا هنا عند معتبريه ثمّة ، وهذا هو مقتضى الأصل المتقدّم ذكره ، ولا فرق في الطهر به بين الورودين ولا بين علوّ المطهّر وغيره ، فلو اتّصل به الجاري من تحته فامتزجا طهر ، والدلالة على ذلك كلّه ما سبق مفصّلا في إلقاء الكرّ.
وأمّا ما عن العلّامة في القواعد (٣) والتحرير (٤) من أنّه لا يطهّر بالنبع من تحته ، فلعلّه لا ينافي ما ذكرناه ، لجواز أن يكون مراده بالنبع خروج الكثير المنخفض عن القليل إليه بطريق النبع ، كما مرّت الإشارة إليه في نظير ذلك عنه في المنتهى (٥) في ردّ الشيخ في المبسوط.
وقد يذكر في توجيهه وجهان آخران كما في شرح الدروس (٦).
أحدهما : ابتناؤه على اشتراط العلوّ في الطهر ، وهو ليس على ما ينبغي كما يظهر وجهه بملاحظة ما أشرنا إليه عنه في المنتهى.
وثانيهما : ابتناؤه على ما هو مختاره من نجاسة الجاري بالملاقاة إذا كان قليلا ، وما ذكرناه أوجه ، وأمّا الثاني فقد سبق شرحه مفصّلا في باب المطر.
وثالثها (٧) : في تطهير القليل بإتمامه كرّا ، وهذا ممّا اختلف فيه الأصحاب رضوان الله
__________________
(١) الدروس الشرعيّة ١ : ١١٨.
(٢) مشارق الشموس : ١٩٣ قال : « الظاهر أنّ تطهيره بالجاري في الجملة ممّا لا خلاف فيه ... » الخ.
(٣) قواعد الأحكام ١ : ١٨٦.
(٤) تحرير الأحكام ـ كتاب الطهارة ـ (الطبعة الحجريّة) : ٤.
(٥) منتهى المطلب ١ : ٦٥.
(٦) مشارق الشموس : ١٩٤.
(٧) تقدّم ثانيها في ص ٩٧.