رواه مرسلا المرتضى رضياللهعنه والشيخ أبو جعفر وآحاد ممّن جاء بعده ؛ والخبر المرسل لا يعمل به وكتب الحديث عن الأئمّة عليهمالسلام خالية عنه أصلا ، وأمّا المخالفون فلم أعرف به عاملا سوى ما يحكى عن ابن حيّ وهو زيدي منقطع المذهب ، وما رأيت أعجب ممّن يدّعي إجماع المخالف والمؤالف فيما لا يوجد إلّا نادرا ، فإذن الرواية ساقطة.
وأمّا أصحابنا فرووا عن الأئمّة عليهمالسلام « إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » وهذا صريح في أنّ بلوغه كرّا هو المانع لتأثّره بالنجاسة ، ولا يلزم من كونه لا ينجّسه شيء بعد البلوغ رفع ما كان ثابتا فيه ومنجّسا قبله ، والشيخ رحمهالله قال بقولهم عليهمالسلام ، ونحن قد طالعنا كتب الأخبار المنسوبة إليهم فلم نر هذا اللفظ ، وإنّما رأينا ما ذكرناه وهو قول الصادق عليهالسلام « إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » ولعلّ غلط من غلط في هذه المسألة لتوهّمه أنّ معنى اللفظين واحد.
وأمّا الآيات والخبر البواقي فالاستدلال بها ضعيف لا يفتقر إلى جواب ، لأنّا لا ننازع في استعمال الطاهر المطلق ، بل بحثنا في هذا النجس إذا بلغ بطاهر ، فإن ثبت طهارته تناولته الأحاديث الآمرة بالاغتسال أو غيره ، وإن لم يثبت طهارته فالإجماع على المنع منه فلا تعلّق له إذن فيما ذكره ، وهل يستجيز أن يقول محصّل : أن يقول النبي صلىاللهعليهوآله : « أحثوا على رأسي ثلاث حثيات ممّا يجتمع من غسالة البول والدم وملغة الكلب »؟.
واحتجّ لذلك أيضا بالإجماع وهو أضعف من الأوّل ؛ لأنّا لم نقف على هذا في شيء من كتب الأصحاب ولو وجد كان نادرا ، بل ذكره المرتضى رحمهالله في المسائل منفردة وبعده اثنان أو ثلاثة ممّن تابعه ، ودعوى مثل هذا إجماعا غلط ، إذ لسنا بدعوى المائة نعلم بدخول الإمام عليهالسلام فيهم فكيف بفتوى الثلاثة والأربعة » (١) انتهى.
المرحلة الثانية : (٢) في تطهير الكرّ والجاري المتغيّرين ، ففيها مسألتان.
المسألة الاولى : في تطهير الكرّ.
فانّه يطهّر بإلقاء كرّ عليه فما زاد حتّى يزول التغيّر ، سواء عمّ التغيّر جميع الكرّ أو اختصّ ببعضه مع كون الباقي أقلّ من كرّ ، ولو زال التغيّر بكرّ واحد ولو بعد مكث ومضيّ مدّة اكتفى به ولم يحتج إلى الزائد ، بشرط أن لا يتغيّر الكرّ الملقى كلّا أم بعضا
__________________
(١) المعتبر : ١٢.
(٢) تقدّمت المرحلة الاولى في ص ٥٤٨.