الاكتفاء بالأقلّ كما عرفت ، ومن هنا لو ذهب الوهم إلى اعتبار ذلك مستندا لقول الشيخ بالعشرة في القليل ـ كما تقدّم عنه في النهاية (١) والمبسوط ـ (٢) وهو الّذي نسب إلى المشهور أيضا في بعض المسائل الآتية بدعوى : أنّ هذا العدد أقلّ ما يضاف إلى جمع الكثرة ، لاتّجه المنع إليه بابتنائه على الفرق المتقدّم منعه.
وبالجملة : أقوال المسألة لا يخلو عن اضطراب وتشويش ، حيث لا مستند لشيء منها يكون واضح الدلالة على المطلق حتّى المشهور ، وإن حكي عليه الإجماع والشهرة ، لأنّهما ما لم يوجبا أو لم يقترنهما ما يوجب الاطمئنان لا عبرة بهما ، ومع ذلك فهو الأحوط لكونه أجمع الأقوال بعدم خروج شيء منها عنه.
ويمكن تأييده بما عرفت من مصير الشيخ في النهاية إليه ، بناء على أنّه بمنزلة الرواية المرسلة لما اعترف به من أنّه لا يفتي فيها إلّا بمتون الروايات (٣) ، فالمصير إليه حينئذ أولى عملا بالاحتياط.
ثمّ إنّ إطلاق الأصحاب يقضي بشمول الحكم لدم نجس العين ، بل هو صريح ما تقدّم عن ابن إدريس (٤) ، غير أنّ التأمّل في ظاهر الروايات ولو من جهة الانصراف ممّا يعطي خلافه ، فالأولى على القول بوجوب نزح الجميع في غير المنصوص إلحاقه به ، وإلّا فإلحاقه بغيره من الدماء مع البناء فيها على المشهور أولى وأحوط ، وعلى قياسه الدماء الثلاث الّتي قد عرفت عن الحلّي (٥) التصريح باستثنائها من عنوان المسألة ، والله العالم.
المسألة الخامسة : فيما ينزح له أربعون دلوا ، وقد اختلفت كلمة الأصحاب في ضبط ذلك وحصره عددا ، ففي شرائع المحقّق : « أنّه لموت الثعلب ، والأرنب ، والخنزير ، والسنّور ، والكلب ، وشبهه ، وبول الرجل » (٦).
وفي المنتهى (٧) عزاه في الجميع مع زيادة « الشاة » إلى الشيخين ، ثمّ نسب إلى السيّد أنّه وافقهما في الكلب وبول الرجل ، وإلى ابن بابويه أنّه وافقهم في البول.
ووافقهم في الجميع إلّا زيادة لفظة « شبهه » الشهيد في الدروس (٨) واللمعة (٩) ، وعن
__________________
(١ و ٣) النهاية ١ : ٧ و ٢٠٩.
(٢) المبسوط ١ : ١٢.
(٤) السرائر ١ : ٧٩. (٥) السرائر ١ : ٧٩.
(٦) شرائع الإسلام ١ : ١٣. (٧) منتهى المطلب ١ : ٢٨.
(٨) الدروس الشرعيّة ١ : ١٢٠.
(٩) اللمعة الدمشقيّة ١ : ٣٨ ولكن اضيف فيه إلى المذكورات قوله : « وشبه ذلك » ويحتمل كونه ـ