الروضة أطلق القول بأنّ الحكم معلّق على الجميع فيجب لغيره مقدّره أو الجميع إن لم يكن له مقدّر ، الأقرب بالاحتياط هو ما ذكرنا.
ثمّ إنّ هاهنا إشكالا معروفا أورده بعضهم على أصل المسألة ، وهو : أنّ ترك الاستفصال عن النجاسات المذكورة يقتضي [تساوي] جميع محتملاتها في الحكم ، فيستوي حال العذرة رطبة ويابسة ، وحال البول إذا كان بول رجل أو غيره ، وقد حكموا بنزح خمسين للعذرة الرطبة ، وأربعين لبول الرجل مع انفراد كلّ منهما ، فكيف تجتزئ بالثلاثين مع انضمام أحدهما إلى الآخر ، وانضمام غيرهما إليهما ، وهو مقتض لزيادة النجاسة وتضاعفها.
واجيب عنه تارة : بإمكان تنزيل الرواية على ماء المطر المخالط لهذه النجاسات مع استهلاك أعيانها.
وردّ : بأنّه على تقدير الاستهلاك لا يبقى فرق بين ماء المطر وغيره وقد فرّقوا.
واخرى : بجواز استناد الحكم إلى التخفيف المستند إلى مصاحبة ماء المطر كما عن المسالك (١).
وثالثة : بأنّ الاستبعاد غير مسموع في مقابلة النصّ ، خصوصا مع ملاحظة ابتناء أحكام البئر ـ بل الأحكام الشرعيّة مطلقا ـ على جمع المتباينات وتفريق المتماثلات (٢).
ورابعة : بأنّ هذا الكلام إنّما يتوجّه إذا كان دليل الحكم ناهضا بإثباته وليس الأمر كذلك هاهنا ، نظرا إلى أنّ راوي هذا الحديث أعني « كردويه » مجهول الحال ، إذ لم يتعرّض له الأصحاب في كتب الرجال ، وبما تقدّم ذكره تقدر على دفع ذلك.
المسألة السابعة : فيما ينزح له عشرة دلاء وهو أمران :
أحدهما : العذرة الجامدة ، والمراد بها ما يقابل الذائبة الذائبة المنزوح لها خمسون دلوا على ما تقدّم الكلام فيها مشروحا ، وحيث إنّ الذوبان كان عبارة عن تفرّق الأجزاء وشيوعها في الماء فالجمود كان عبارة عمّا لم تتفرّق أجزاؤه ، بأن تخرج قبل شيوعها ولو بعد صيرورتها متبتلة أو رطبة ، والحكم المذكور لها هو المشهور المحكيّ عليه الشهرة في حدّ الاستفاضة ، المنفيّ عنه الخلاف كما عن السرائر (٣) ، بل المنقول عليه الإجماع عن
__________________
(١) مسالك الأفهام ١ : ١٩.
(٢) المجيب بهذا هو صاحب المعالم رحمهالله في فقه المعالم ١ : ٢١٨.
(٣) السرائر ١ : ٧٩.