قال : قلت : يسيل عليّ من ماء المطر الّذي فيه التغيّر وأرى فيه آثار القذر فتقطر القطرات عليّ ، وينتضح عليّ منه ، والبيت يتوضّأ على سطحه ، فكيف على ثيابنا؟ قال : « ما به (١) بأس ، لا تغسله ، كلّ شيء يراه ماء المطر فقد طهر » (٢).
وهو أيضا كما ترى كلام ظاهريّ ، فإنّ هذه الرواية ـ مع أنّها مرسلة غير صالحة للمعارضة للروايات الكثيرة القريبة من التواتر ، بل المتواترة في الحقيقة ، الّتي منها ما هو الصحيح ومنها ما هو في حكمه من حيث الاعتبار ـ غير دالّة على ما ينافي مفاد روايات الباب ، بل هي عند التحقيق واردة لإعطاء قاعدة كلّيّة مجمع عليها ، مدلول عليها بالأخبار الكثيرة الّتي منها : ما استفاض عنهم عليهمالسلام « كلّ ماء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر » (٣) ، ومحصّل مفاد الرواية ـ على ما يرشد إليه سياق السؤال ـ : أنّ السائل لمّا وجد التغيّر في الماء المفروض ومع ذلك وجد فيه القذر أيضا ، ولكن لم يتبيّن عنده أنّ هذا التغيّر مستند إلى القذر المفروض ، فسأل الإمام عليهالسلام استعلاما ، لأنّ وجود القذر مع الماء المتغيّر هل يصلح أمارة على استناد التغيّر إليه أو لا؟ فأجابه الإمام عليهالسلام بما يرجع إلى منع صلوحه لذلك ، فنهاه عن غسل الثياب تنبيها على أنّ مدار النجاسة في الشريعة على العلم ، وأنت غير عالم بالاستناد فغير عالم بالنجاسة ، وقوله عليهالسلام : « كلّ شيء يراه المطر فقد طهر » جواب عن سؤال آخر تعرّض له السائل بقوله : « والبيت يتوضّأ على سطحه » ، وغرضه بذلك ـ والله أعلم ـ أنّ النجاسة الّتي تتحقّق مع التوضّي على سطح البيت فيه هل تؤثّر في نجاسة ثيابنا بالقطرات الواقعة منه عليها بواسطة ماء المطر؟ فأجاب عنه الإمام عليهالسلام بالعدم تعليلا بما أفاده.
المطلب الثاني :
في نبذة من الفروع المتعلّقة بالباب وهي امور :
أحدها : كلّ واحد من الصفات الثلاث القائمة بالنجاسة قد يكون في اقتضاء تغيّر
__________________
(١) في المصدر [ما بذا].
(٢) الكافي ٣ : ١٣ / ٣ ـ الوسائل ١ : ١٤٦ ، ب ٦ من أبواب الماء المطلق ح ٥.
(٣) الوسائل ١ : ١٣٣ ، ب ١ من أبواب الماء المطلق ، ح ٢ ـ الفقيه ١ : ٦ / ١.