ووجه ضعفه : أنّه ذكر ذلك في خرء ما لا يؤكل لحمه الظاهر فيما يكون كذلك أصالة المتّفق على نجاسته ، لأنّه على ما في عبارة محكيّة له عن المعتبر قال ـ بعد ما ناقش في قولي المسألة بما تقدّم ـ : « وقال أبو الصلاح : خرء ما لا يؤكل لحمه يوجب نزح الماء ، ويقرب عندي أن يكون داخلا في قسم العذرة ينزح له عشرون ، فإن ذاب فأربعون أو خمسون ، ويحتمل أن ينزح له ثلاثون لخبر المنجبرة » (١) انتهى.
وقد عرفت أنّ ما لا يؤكل لحمه في عبارة أبي الصلاح ظاهر فيما هو كذلك بأصل الشرع فكذلك ما ذكره المحقّق ، بناء على أنّه إنّما نقل كلام أبي الصلاح هنا من جهة المناسبة لا من جهة تفريع المسألة على عنوان ما لا يؤكل لحمه ، كيف لا وذكره له من جهة التفريع يناقض ما ذكره أوّلا في دفع القولين في المسألة.
إلّا أن يقال : بأنّه يناقض دفعه القول بالحكم فيما ليس بجلّال دون دفعه القول به في الجلّال ، لأنّه دفع له في تقدير النزح بالخمس لا في دعوى النجاسة الّتي لا مجال لها في ذرق غير الجلّال.
فيرد عليه حينئذ أوّلا : ما تقدّم من منع تعلّق المسألة بمورد كلام أبي الصلاح. وثانيا : ما أورده غير واحد من أنّ العذرة لغة فضلة الإنسان خاصّة ، ونزح الثلاثين المستند إلى خبر المنجبرة وهو رواية كردويه المتضمّنة لوقوع ماء المطر المخالط بالبول وخرء الكلاب وغيرهما مختصّ بالأشياء المذكورة مع مخالطة ماء المطر ، فالتعدّي عنها ممّا لا مسوّغ له.
والمراد بالجلّال ـ على ما في المدارك ـ (٢) المتغذّي بعذرة الإنسان محضا إلى أن يسمّى في العرف جلّالا.
المسألة العاشرة : فيما ينزح له ثلاث ، وهو الفأرة إذا لم يتفسّخ ولم تنتفخ ، أفتى به الشيخان (٣) ، وأبو الصلاح (٤) ، وسلّار (٥) ، وابن البرّاج (٦) ، وابن إدريس (٧) ، على ما حكاه
__________________
(١) المعتبر : ١٨.
(٢) مدارك الأحكام ١ : ٩٢.
(٣) أي الشيخ الطوسي في النهاية انظر النهاية ١ : ٢٠٨ والمبسوط ١ : ١٢ والشيخ المفيد في المقنعة : ٦٦.
(٤) الكافي في الفقه : ١٣٠.
(٥) المراسم العلويّة : ٣٦.
(٦) المهذّب ١ : ٢٢.
(٧) السرائر ١ : ٧٧.