وهذا من جهة ابتنائه على القياس الفاسد ضعيف جدّا ، والعمدة هي الرواية ، وفيها : أنّ الأولويّة المدّعاة إنّما تنهض على تقدير دلالة الرواية على الوجوب ولعلّها في حيّز المنع ، كما يرشد إليه العطف على الفأرة المخرجة حيّة المجمع على عدم وجوب النزح فيها ، كيف وهو إمّا من جهة النجاسة فهي منتفية مع الحياة ، أو من جهة شبهة السمّية الّتي انتفاؤها أوضح ، ومع ذلك فهي على فرض الدلالة معارضة بعموم ما تقدّم في غير ذي النفس ، وخصوص صحيحة ابن مسكان المتقدّمة عن الصادق عليهالسلام قال : « وكلّ شيء سقط في البئر ليس له دم مثل العقارب والخنافس وأشباه ذلك فلا بأس » (١) وهي صحيحة ، وعمل بها العلّامة (٢) وغيره فتكون أرجح ، وعليه يجمع بينها وبين ما تقدّم بحمله على الاستحباب كما صنعه العلّامة في المختلف (٣) ، وبذلك يظهر الوجه في رواية منهال بن عمرو عن الصادق عليهالسلام قلت له : العقرب يخرج من البئر ميتة؟ قال : « استق عشرة دلاء » (٤) وقد حملها الشيخ على الاستحباب (٥) ، كما في المختلف (٦).
وعن المانعين عن وجوب النزح الاحتجاج : بأنّه حيوان لا نفس له سائلة فلا يجب بموته شيء كالذباب والخنافس ، وبالروايات المتقدّم إليها الإشارة في غير ذوات النفس ، وهو في غاية الجودة.
المسألة الحادية عشر : فيما ينزح له دلو واحد ، وهو أمران :
أحدهما : العصفور وما أشبهه ، نسب القول به في المنتهى (٧) إلى الشيخين (٨) وأتباعهما (٩) ، وفي كلام غير واحد نسبته إلى المشهور.
بل في شرح الدروس (١٠) ـ كما عن المعالم ـ (١١) لم يعرف فيه خلاف.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٣١ ـ ٢٣٠ / ٦٦٦.
(٢) المختلف ١ : ٢١٢ حيث قال : « وهذا الحديث أصحّ ما رأيته في هذا الباب ، وعليه أعتمد ... الخ ».
(٣ و ٦) مختلف الشيعة ١ : ٢١٢.
(٤) الوسائل ١ : ١٩٦ ب ٢٢ من أبواب الماء المطلق ح ٧ ـ التهذيب ١ : ٢٣١ / ٦٦٧.
(٥) التهذيب ١ : ١٣١ / ٦٦٧.
(٧) منتهى المطلب ١ : ٩٨.
(٨) أي الشيخ الطوسي في النهاية ١ : ٢٠٨ ، والشيخ المفيد في المقنعة : ٦٧.
(٩) كابن البرّاج في المهذّب ١ : ٢٢ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٧٧ ، والسلّار في المراسم العلويّة : ٣٥ ـ ٣٦.
(١٠) مشارق الشموس : ٢٣٨.
(١١) فقه المعالم ١ : ٢٤٩.