الثاني دعوى الإجماع عليه ، وهو عجيب مع مخالفة المشهور ومع ذلك فمستند قوله غير واضح ؛ ولو احتجّ له بصحيحة ابن بزيع المتقدّمة (١) الحاكمة بنزح دلاء لقطرات البول ، لدفعه : إمّا الانصراف إلى ما عدا بول الرضيع ، أو لكون قطرات البول أعمّ من وجه من بوله فلا يتناول ما زاد على القطرات ، ويقضي بالثلاث في غير بوله والقول به ضعيف كما تقدّم.
وكيف كان فمستند المشهور ـ على ما حكي الاحتجاج به عن الشيخ ـ رواية عليّ بن أبي حمزة المتقدّمة الواردة في بول الصبيّ الفطيم ، يقع في البئر فقال : « دلو واحد » (٢) وهذا مبنيّ على حمل « الفطيم » على المشارف للفطام ، نظرا إلى تحديد « الصبيّ » هنا في كلامهم بمن يغتذي باللبن محضا ، أو بحيث يغلب على الطعام ، فيغاير « الفطيم » المتقدّم تفسيره في بول الصبيّ المتغذّي بالطعام ، وهو كما ترى. مجاز يحتاج إلى القرينة ، ولعلّ المشهور عثروا بها كما يومئ إليه كلام عن المهذّب البارع (٣) من أنّ الرضيع هو المعبّر عنه في الروايات بالفطيم.
وكيف كان فالقول المذكور مستندا إلى هذه الرواية غير خال عن الإشكال ، والأحوط بل الأولى إطلاق القول في بول الصبيّ بالسبع ، وفاقا للسلّار على ما حكي عنه فيما تقدّم ، مستندا إلى إطلاق رواية منصور بن حازم المتقدّمة في بحث بول الصبيّ.
نعم ، إنّما يتّجه القول بالواحد هنا على تقدير صحّة الاستناد إلى ما روي عن الفقه الرضوي المتقدّم ذكره في البحث المذكور ، لكنّه لم يثبت عندنا إلى الآن ما يقضي بصحّة ذلك ، وعليه فالاحتياط بناء على القول بالتنجيس أو الوجوب تعبّدا ممّا لا ينبغي تركه.
ولنختم المقام بإيراد مباحث نذكرها هنا من باب التفريع :
المبحث الأوّل : فيما يتعلّق بالدلو المعتبر في النزح ؛ الوارد في الروايات ، وما يلحق به وما لا يلحق وفيه مسائل :
الاولى : في أنّ « الدلو » المعتبر في الروايات آلة للنزح ليس ممّا ثبت له معنى شرعي ، ولا أنّه ممّا له في عرف زمان الشارع معنى خاصّ به ، ولا أنّه ممّا اختلف فيه عرف الراوي والمرويّ عنه وبلد السؤال ، أو ممّا اختلف فيه الاصطلاحات كالمنّ
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧٦ ب ١٤ من أبواب الماء المطلق ح ٢١ ـ الكافي ٣ : ٥ / ١.
(٢) التهذيب ١ : ٢٤٣ / ٧٠٠.
(٣) المهذّب البارع ١ : ١٠٢.