الأمر ، كما أنّه كذلك لو حصل من غير المكلّف بالغا أو غيره ، مسلما أو غيره بشرط عدم المباشرة المنجّسة ، بل يكفي نزح المقدّر لو حصل من غير إنسان كالثور ونحوه ، وقد صرّح بأكثر ما ذكرناه غير واحد من أصحابنا ، منهم العلّامة في المنتهى (١).
المبحث الثالث : فيما يتعلّق بما ينزح له من النجاسات الموجبة له ، وفيه : مسائل ثلاث :
الاولى : قال المحقّق في شرائعه : « حكم صغير الحيوان في النزح حكم كبيره في النزح » (٢) ولعلّه أخذ بما يوجب اليقين بالبراءة ، وإلّا فلمنع انصراف أدلّة العناوين الموجبة للنزح إلى ما عدا الكبير ـ ولا سيّما ما كان من الصغير في أوائل تولّده ـ مجال واسع ، وعليه دخول الصغير في غير المنصوص لا يخلو عن قوّة ، غير أنّه لو قيل في غير المنصوص بما يزيد على مقدّر هذا النوع من الحيوان فالقطع حاصل بأنّ منزوح صغيره لا يزيد على منزوح كبيره ، ولو قيل بما يقصر عنه فالاكتفاء به له غير بعيد ، وإن كان الاحتياط في الأخذ بمقدّر النوع ، ويعضده استصحاب النجاسة.
الثانية : قال في المنتهى : « لو وقع جزء الحيوان في البئر ، كيده ورجله ، يلحق بحكمه ، عملا بالاحتياط الدالّ على المساواة ، وأصالة البراءة الدالّة على عدم الزيادة » (٣) وهو الظاهر من شرائع المحقّق حيث قال : « إلّا أن يكون بعضا من جملة لها مقدّر فلا يزيد حكم أبعاضها عن جملتها » (٤).
وعن المحقّق الشيخ عليّ (٥) احتمال إلحاقه بغير المنصوص لعدم تناول اسم الجملة له ، وعن صاحب المعالم التفصيل قائلا : « بأنّه إن كان مقدّر الكلّ أقلّ من منزوح غير المنصوص اكتفى به للجزء ، لأنّ الاجتزاء به في الكلّ يقتضي الاجتزاء به في الجزء بالطريق الأولى ، وإن كان المقدّر زائدا فالمتّجه عدم وجوب نزح الزائد » (٦) انتهى.
وهذا هو الأقرب وإن كان الأحوط المتأيّد بالاستصحاب على القول بالنجاسة اعتبار مقدّر الكلّ مطلقا.
نعم ، على القول بوجوب النزح تعبّدا رجع الشكّ إلى ثبوت التكليف بالزائد والأصل ينفيه ، ولا يعارض هنا باستصحاب الأمر ولا اشتغال الذمّة ، مع إمكان المنع
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ١٠٥. (٢ و ٤) شرائع الإسلام ١ : ١٤.
(٣) منتهى المطلب ١ : ١٠٧.
(٥) حكى عنه في مدارك الأحكام ١ : ٩٨.
(٦) فقه المعالم ١ : ٢٧٧.