الشخص لا ينافي الشكّ في بقاء العنوان وهو المستصحب المتيقّن الثبوت المشكوك البقاء ، فالاستصحاب في محلّه.
وإذا تمهّد هذا ، فاعلم أنّه لا إشكال ولا كلام في طهارة المضاف بنفسه إذا كان أصله طاهر ، أو لم يطرأه ما يقتضي تنجّسه ، ونقل الإجماعات عليه ونفي الخلاف فيه في حدّ الاستفاضة ، مضافا إلى أنّ الطهارة هي الأصل في الأشياء والنجاسة طارئة فيحتاج إلى سبب ، فهذا الحكم ليس بمقصود المقام ، بل المقصود البحث عن امور اخر يلحقها من جهة قبوله الانفعال وعدمه ، وصلوحه رافعا للحدث وعدمه ، مزيلا للخبث وعدمه ، وقبوله التطهير على فرض الانفعال وطريق تطهيره ، وغير ذلك ممّا يتلى عقيب ذلك ، فينبغي إيراد الكلام في مباحث :
المبحث الأوّل : المشهور القريب من الإجماع أنّ المضاف مطلقا لا يرفع حدثا مطلقا اختيارا ولا اضطرارا ، بل هو إجماع من أصحابنا حقيقة كما يفصح عنه نقل الإجماعات في كلام غير واحد ، بناء على أنّ مخالفة معلوم النسب لا تقدح في انعقاد الإجماع ، أو أنّها منقرضة بتأخّر الإجماع ، والمخالف من أصحابنا الصدوق على ما حكي عنه في الفقيه قائلا : « ولا بأس بالوضوء والغسل من الجنابة والاستياك بماء الورد » (١) ، وعن الشيخ في الخلاف (٢) أنّه حكى عن قوم من أصحاب الحديث منّا أنّهم أجازوا الوضوء بماء الورد ، وعن ظاهر ابن أبي عقيل العماني (٣) أنّه جوّز الوضوء حال الضرورة فيقدّم على التيمّم.
والمعتمد : الأوّل ، لأصالة بقاء الحدث ، والمنع عن الدخول في الصلاة إلى أن يتحقّق رافع يقيني ومبيح شرعي ، مضافا إلى جملة ممّا احتجّ به الأكثر وهو امور :
منها : قوله عزّ من قائل : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) (٤) حيث أوجب التيمّم عند فقد الماء ، ولا ريب أنّ الماء بإطلاقه لا يتناول المضاف ، فعلم منه سقوط الواسطة ، إذ اللفظ يحمل على حقيقته ، فلو كان الوضوء سائغا بغير الماء لم يجب التيمّم عند فقده.
ومنها : ما اعتمد عليه العلّامة في المختلف (٥) من قوله تعالى : (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ
__________________
(١) الفقيه ١ : ٦.
(٢) الخلاف ١ : ٥٥ ، المسألة : ٥.
(٣) حكاه عنه في مختلف الشيعة ١ : ٢٢٢.
(٤) النساء : ٤٣.
(٥) مختلف الشيعة ١ : ٢٢٣ ـ ٢٢٢.