حكي عنه ـ (١) من إنكار ذلك في خصوص المضاف ، تمسّكا بشمول إطلاق فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم على انفعال المضاف بالملاقاة لما إذا كان المضاف عاليا.
وفيه : ما لا يخفى ، فإنّ إطلاق الفتاوى يقيّد بما ذكر ، على قياس ما هو الحال في انفعال القليل من المطلق ، وإلّا فالفتاوى ونقل الإجماعات وأخبار الأئمّة عليهمالسلام في ذلك أيضا مطلقة تشمل بإطلاقها لما إذا كان المطلق عاليا ، ومع ذلك فلا كلام لأحد بالنسبة إليه في عدم سراية النجاسة إلى الأعلى بالشروط المتقدّمة ، هذا كلّه ولكنّ الاحتياط ممّا يحسن مراعاته هنا جدّا.
المبحث الرابع : لا خلاف بين الأصحاب في طهر المضاف المتنجّس بصيرورته مطلقا بسبب اختلاطه بما زاد على الكثير من المياه المطلقة ، بل بكلّ ماء معتصم وإن كان جاريا أو ماء مطر ، بناء على أنّ ذكر « الكثير » في عباراتهم إنّما ورد من باب المثال ، أو من جهة غلبة استعماله في التطهير ، لا من باب قصر الحكم عليه.
والدليل على ذلك : ما تقدّم في تطهير المطلق المتنجّس من الإجماع على الملازمة الّتي يعبّر عنها بامتناع اختلاف ماء واحد في سطح واحد في الحكم ، بكون بعضه محكوما عليه بالطهارة والبعض الآخر محكوما عليه بالنجاسة ، على ما هو المفروض من أنّهما باختلاطهما وامتزاجهما صارا ماء واحدا ووقع عليهما إشارة واحدة ، مع انضمام ما دلّ على عدم انفعال الماء المعتصم بملاقاة النجاسة.
فحينئذ يقال : إنّ هذا الماء لا بدّ أن يكون له حكم واحد من طهارة الجميع أو نجاسة الجميع بحكم الملازمة المجمع عليها ، ولا سبيل إلى الحكم بنجاسة الجميع بحكم أدلّة عدم انفعال المعتصم بما لاقاه من نجس أو متنجّس ، فتعيّن طهارة الجميع إذ لا واسطة بعد (٢).
وإلى هذه الحجّة أشار العلّامة في المنتهى قائلا : « والطريق إلى تطهيره حينئذ إلقاء كرّ فما زاد عليه من الماء المطلق ، لأنّ بلوغ الكرّيّة سبب لعدم الانفعال عن الملاقي ، وقد مازجه المضاف فاستهلكه ، فلم يكون مؤثّرا في تنجيسه لوجود السبب ، ولا يمكن الإشارة إلى عين نجسة فوجب الجزم بطهارة الجميع » (٣).
__________________
(١) الحاكي هو الشيخ الأنصاري رحمهالله في كتاب الطهارة ١ : ٣٠١.
(٢) كذا في الأصل.
(٣) منتهى المطلب ١ : ١٢٧.