هذا الماء له حكم واحد ، ولا اختلاف لأجزائه في الحكم ، ولا ترجيح ليغلّب أحد الاستصحابين على الآخر ، فيحكم بتساقطهما ، ويبنى الحكم على أصالة الطهارة في جميع الأشياء سيّما الماء ، وأصالة حلّ التناول ، وحصول الامتثال باستعماله في الأوامر الواردة بالتطهير بالماء » (١) انتهى محصّلا.
ثمّ إنّ الكلام في سائر شرائط المطهّر هنا من الدفعة والممازجة وغيرها نفيا وإثباتا ، نظيره فيما سبق من مباحث تطهير المتنجّس من المطلق حرفا بحرف ، فكلّما اعتبرناه من الشروط ثمّة لا بدّ من اعتباره هنا بعين ما قدّمنا ذكره ثمّة ، فراجع وتأمّل.
المبحث الخامس : إذا اختلط المضاف بالمطلق فلا إشكال في أنّ الأحكام تتبع في ترتّبها إطلاق الاسم عرفا ، بل لا خلاف فيه إذا اختلفا في الأوصاف ، وأمّا إذا اتّفقا ولو بزوال الوصف عن أحدهما كماء الورد المنقطع الرائحة فاختلفت كلمة الأصحاب في جواز التطهّر به وعدمه ، ومجموع القول فيه ما تكفّله كلام العلّامة في المختلف قائلا :
« قال الشيخ رحمهالله : إذا اختلط المطلق بالمضاف كماء الورد المنقطع الرائحة حكم للأكثر ، فإن تساويا ينبغي القول بجواز استعماله لأنّ الأصل الإباحة ، وإن قلنا يستعمل [ذلك] ويتيمّم كان أحوط.
قال ابن البرّاج : والأقوى عندي أنّه لا يجوز استعماله في رفع الحدث ، ولا إزالة النجاسة ، ويجوز في غير ذلك.
ثمّ نقل مباحثة جرت بينه وبين الشيخ رحمهالله ، وخلاصتها تمسّك الشيخ رحمهالله بالأصل الدالّ على الإباحة وتمسّكه هو بالاحتياط.
والحقّ عندي : خلاف القولين معا ، وأنّ جواز التطهير به تابع لإطلاق الاسم ، فإن كانت الممازجة أخرجته عن الإطلاق لم يجز الطهارة به وإلّا جاز ، ولا اعتبر في ذلك المساواة والتفاضل ، فلو كان ماء الورد أكثر وبقى إطلاق [اسم] الماء أجزأت الطهارة به ، لأنّه امتثل المأمور به وهو الطهارة بالماء المطلق ، وطريق معرفة ذلك أن يقدّر ماء الورد باقيا على أوصافه ثمّ تعتبر ممازجته حينئذ فيحمل عليه منقطع الرائحة » (٢) انتهى.
وعنه في النهاية أنّه علّل الحكم بالتقدير : « بأنّ الإخراج عن الاسم سالب للطهوريّة
__________________
(١) مشارق الشموس : ٢٥٨.
(٢) مختلف الشيعة ١ : ٢٣٩.