القسمين ، ولا يعقل المغايرة إلّا بأن لا يكون بنفسه مؤثّرا لا في التغيّر ولا في عدمه مخالفا لما أثّرته الماهيّة.
وحينئذ لو امتزج ذو الوصف المتوسّط بالمطلق وصادف امتزاجه لتغيّر المطلق كشف ذلك عن انقلاب الماهيّة وسلب إطلاقه بحسب الواقع ، وكونه مستندا إلى ذات ذي الوصف لا إلى وصفه.
وقضيّة ذلك لزوم تقدير الوصف المتوسّط في محلّ البحث لا الوصف الزائل ، ضعيفا كان أو شديدا ، إذ معه يحصل التغيّر السالب للإطلاق المصادف لانقلاب الماهيّة.
فظهر من جميع ذلك أنّ الأقوى ما صار إليه الجماعة ، وأنّ القول بلزوم تقدير أقلّ ما يتحقّق به مسمّى الوصف كالقول بأنّ تقدير الوصف المتوسّط لا دليل عليه ضعيف ، كيف وهذا من مقتضى الاحتياط وأصل الشغل الّذي قرّرناه دليلا على وجوب التقدير خروجا عن شبهة بقاء الإطلاق المانع عن التيمّم أو زواله المسوّغ له ، بل مقتضى هذا الاحتياط العدول إلى تقدير الوصف المتوسّط فيما له وصف محقّق شديد أو ضعيف ، وإن لم نقف على القول به من الأصحاب كما لا يخفى ، والله العالم.
المبحث السادس : لو كان مع المكلّف من المطلق ما لا يكفيه للطهارة وأمكن إتمامه بمضاف على وجه لا يسلبه الإطلاق ، فعن الشيخ عدم وجوب ذلك (١) ، وخالفه العلّامة فرجّح وجوبه (٢) ، وتبعه المحقّق الثاني (٣) ، وبعض من لا تحصيل له.
قال في المختلف : « لو كان معه رطلان من المطلق ويفتقر في طهارته إلى ثلاثة أرطال مثلا ومعه ماء الورد إذا مزجه بالمطلق لم يسلبه الإطلاق ، قال الشيخ رحمهالله : ينبغي أن يجوز استعماله وليس واجبا ، بل يكون فرضه التيمّم ، لأنّه ليس معه من الماء ما يكفيه لطهارته.
وهذا القول عندي ضعيف لاستلزامه التنافي بين الحكمين ، فإنّ جواز الاستعمال يستلزم وجوب المزج ، لأنّ الاستعمال إنّما يجوز بالمطلق ، فإن كان هذا الاسم صادقا عليه بعد المزج وجب المزج ، لأنّ الطهارة بالمطلق واجبة مع المكنة ، ولا يتمّ إلّا بالمزج ، وما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب ، وإن كذّب الإطلاق عليه لم يجز استعماله
__________________
(١) المختلف ١ : ٢٤٠ ـ ٢٣٩.
(٢) المبسوط ١ : ١٠ ـ ٩.
(٣) جامع المقاصد ١ : ١٢٦.