ينبوع
وممّا خصّه الأصحاب بالعنوان من أفراد المياه ، الماء الطاهر المباح المطلق إذا اشتبه بغيره من النجس ، أو المغصوب ، أو المضاف ، فإنّ كلّ واحد من ذلك ممّا لحقه البحث عندهم ، وكثر التشاجر في فروع بعضها لديهم ، وبسط الكلام فيها يستدعي رسم مقامات :
المقام الأوّل : في الماء المشتبه بالنجس ، المعنون في كلام بعضهم بالإناءين أحدهما طاهر والآخر نجس فاشتبها ، وظاهر أنّ تخصيص الإناء بالذكر مثال ، أو اقتفاء في التعبير لعبارة النصّ على ما سيظهر في الموثّقتين الآتيتين ، كما أنّ ذكر هذا العدد بالخصوص مبنيّ على المثال ، أو اكتفاء بأقلّ مراتب التعدّد ، وظاهرهم كصريح غير واحد منهم عدم اختصاص الحكم بما كان الاشتباه ابتدائيّا ، كما لو وقعت النجاسة في الطاهرين أو أكثر على ما لا يعلم أيّهما هو وإن اختصّ به مورد النصّ ، بل يجري فيما لو كان الاشتباه طارويّا أيضا ، كما لو كان الطاهر مع النجس ممتازين ففات امتيازهما.
وفي حكم الاشتباه الابتدائي الحاصل بين الطاهرين ما يحصل بين النجسين لو زالت النجاسة عن أحدهما من غير علم بأنّه أيّ منهما ، كما أنّه في حكم النجس بالذات النجس بالعرض وهو المتنجّس ، فإنّ جميع هذه الصور من واد واحد وإن اختصّ عنوان الأصحاب كالنصّ الموجود في الباب ببعضها ، مع ما بينها من التفاوت في قوّة احتمال عدم وجوب الاجتناب عن الجميع وضعفه حسبما يأتي الإشارة إليه.
وكذلك التفاوت في قوّة احتمال الوجوب وضعفه ، بل الظاهر بناء على عموم القاعدة المستفاد عن عموم جملة من أدلّتهم الآتية ـ كما هو الحقّ الّذي لا محيص عنه ـ عدم الفرق في الحكم بين ما لو كانت أطراف الشبهة من أفراد ماهيّة واحدة مشتركة بينها