للمطلق إن كان وقوع الخلاف في الطهارة والنجاسة فالأنسب له جعل البحث في مطلق المباشرة ، لأنّ ملاقاة الحيوان إذا قضت بنجاسة ملاقيه فلا يعقل اختصاصه بعضو منه دون عضو ، إن اريد بالنجاسة الصفة المقتضية لأحكامها دون نفس الأحكام المقرّرة لها ، لجواز كون ذلك تعبّدا من الشارع ، مختصّا ببعض الفروض ، حسبما استفيد من دليل التعبّد إن كان ، وستعرف خلافه.
وربّما يحكى التعريف المتقدّم عن الشهيد وجملة ممّن تأخّر عنه ـ كما في الحدائق ـ (١) على وجه تضمّن اعتبار طهارة الحيوان ، فيقال : « أنّه ماء قليل باشره جسم حيوان طاهر » وهو كما ترى لا يوافق شيئا ممّا تقدّم ، وعلى فرض ورود الاشتراط في كلام بعضهم ، يدفعه : بعض ما تقدّم ممّا يقضي بكون العنوان ملحوظا على الوجه الأعمّ كما في عبارة المنتهى (٢) ، مضافا إلى ما في أكثر كتبهم من التعرّض لسؤر الكلب والخنزير وغيرهما ممّا يحكم عليه بنجاسة العين ، كبعض فرق الإسلام من الخوارج والغلاة.
ثمّ إنّ المعنى المذكور على ما في كلام غير واحد من تقييده بالاصطلاح ، أو التنبيه على كونه مرادا من اللفظ في خصوص المقام ، اصطلاح من المصنّفين مأخوذ من الأخبار المتفرّقة ، وفتاوى الفرقة المتفقّهة من باب الأخذ بالقدر الجامع ، حسبما أشرنا إليه ، وقد يحتمل كونه معنى شرعيّا تعويلا على تعريف جمع له : « بأنّه « شرعا ماء قليل باشره جسم حيوان ».
وفيه : منع واضح ، لإمكان أن يراد به ما عند المتشرّعة ، أو ما عند حفظة الشريعة ، كيف ولم يثبت في كلام الشارع أصل الاستعمال على الوجه الأعمّ ولا أخبار الأئمّة عليهمالسلام ، ولو فرض وجوده أيضا فهو ليس إلّا استعمالا غير صالح للاستناد إليه في إثبات الوضع الشرعي ، على ما هو مقرّر في محلّه.
ثمّ تمام البحث في أحكام هذا المعنى العامّ يقع في طيّ مسائل :
المسألة الاولى : لا خلاف عند أصحابنا في نجاسة سؤر ما حكم بنجاسته شرعا آدميّا كان كالكافر والخوارج وهم أهل النهروان ومن دان بمقالتهم ، والغلاة وهم
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٤١٨ ليس فيه ما يقتضي طهارة الحيوان فلاحظ.
(٢) منتهى المطلب ١ : ١٤٨.