عدا الطهارة الذاتيّة.
إلّا أن يستكشف الانسياق لبيان الطهارة على الوجه الأعمّ عن الاستثناء الوارد في الموثّقة لصورة وجود الدم في المنقار ، نظرا إلى أنّه إثبات للنجاسة الفعليّة الغير المنافية للطهارة الذاتيّة ، فيكون المراد من المستثنى منه إثبات الطهارة الفعليّة الّتي هي أمر زائد على الطهارة الذاتيّة ، فحينئذ يبقى المناقشة في الاستدلال بعمومات اخر ممّا ورد في السنّور والدوابّ والسباع كالصحيحة والحسنة المتقدّمتين ، وغيرهما ممّا سيأتي ذكرها في بحث الهرّة ، فإنّ الظاهر المنساق منها كونها لبيان الطهارة الذاتيّة ، وستسمع زيادة بيان في ذلك ، فلا ينبغي أخذها مستندة لنفي النجاسة العرضيّة.
وبالجملة فرق واضح بين النجاسة الّتي هي من مقتضيات ذات الحيوان وطبعه والنجاسة الطارئة له لعارض ، والكلام في المسائل السابقة نفيا وإثباتا كان راجعا إلى النجاسة المستندة إلى الذات ، وفي هذه المسألة راجع إلى النجاسة المستندة إلى ما هو خارج عن الذات ، فما انتهض دليلا على نفي النجاسة في المقام الأوّل على جهة الاختصاص لا ينبغي أخذه دليلا على نفيها في المقام الثاني ، وإن كان ما انتهض دليلا على نفيها في المقام الثاني صالحا لأن يؤخذ دليلا عليه في المقام الأوّل ، والظاهر أنّ الأخبار المشتملة على استثناء صورة وجود النجاسة من قبيل القسم الثاني ، بخلاف الأخبار المتضمّنة لنفي البأس عن سؤر الهرّة والدوابّ والسباع ، فإنّها لا تنطبق إلّا على المقام الأوّل فتكون من قبيل القسم الأوّل.
المسألة الخامسة : والظاهر أنّه لا خلاف عندهم في كراهة سؤر الجلّال وآكل الجيف ، بل نسب القول بالكراهة في كلام غير واحد (١) إلى جمهور أصحابنا في كلّ حيوان غير مأكول اللحم عدا السنّور ، ولعلّه لا ضير فيه لرواية الوشّاء المتقدّمة (٢) تسامحا في أدلّة السنن ، ويمكن الاستناد في ذلك أيضا إلى مستند الكراهة في الأنعام الثلاثة من الخيل والبغال والحمير من جهة الأولويّة كما لا يخفى ؛ وقد شاع في كلامهم التعليل لذلك أيضا بالخروج عن شبهة المنع والتحريم ، وليس على ما ينبغي عند التأمّل ،
__________________
(١) كما في الحدائق الناضرة ١ : ٤٣٢.
(٢) الوسائل ١ : ٢٣٢ ب ٥ من أبواب الأسآر ح ٢ ـ الكافي ٣ : ١٠ / ٧.