العين والحاء ، فوجدت العين أنصع الحرفين فابتدأت به ليكون أحسن في التأليف ، وليس العلم بتقدم شيء على شيء ، لأنه كله يحتاج إلى معرفته فبأي بدأت كان حسنا ، وأولاها بالتقديم أكثرها تصرفا (١).
أما بالنسبة لنظام التقليبات الذي اتبعه الخليل ، يقول د. يعقوب (٢) : فيظهر أن الفراهيدي قد رأى أنه لا يمكن حصر جميع مفردات اللغة إلا باتباع نظام حسابي دقيق ، فهدته عبقريته الفذة إلى نظام التقليبات.
وفي موضع آخر يقول : يهمنا التأكيد أن ترتيب الخليل للحروف حسب مخارجها ونظامه في التقليبات قد أصبحا سمة مرحلة مميزة من مراحل التأليف المعجمي ، أو قل سمة مدرسة كان من تلامذتها كثيرون ، لعل أهمهم الأزهري في معجمه «تهذيب اللغة» والقالي في معجمه «البارع» وابن سيده في «المحكم».
كتاب العين :
مؤلفه الخليل بن أحمد الفراهيدي. أما منهجه فيه فقد اتّسم بما يلي (٣) :
١ ـ رتب المواد بحسب مخارجها (وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك قريبا).
٢ ـ نظم الكلمات تبعا لحروفها الأصلية (الجذور) دون مراعاة الأحرف الزائدة فيها ، أو الأحرف المقلوبة عن أحرف أخرى.
٣ ـ اتّبع نظام التقليبات الذي ابتدعه بنفسه.
٤ ـ جعل معجمه أقساما على عدد الحروف ، وسمّى كل قسم أو كل حرف كتابا ، وبدأ معجمه بكتاب العين.
٥ ـ أخضع تبويب الكلمات لنظام الكمية ، أو لنظام الأبنية.
٦ ـ كان يأتي بالشواهد في معظم ما يفسره ، وكانت هذه الشواهد مستمدة من الشعر والحديث والأمثال والقرآن.
٧ ـ أثبت كثيرا من رجال السند.
ويكمن أثر كتاب العين في أنه افتتح به التأليف المعجمي فكان للّغويين منهجا وسنّة ،
__________________
(١) المزهر ١ / ٩٠.
(٢) المعاجم العربية ص ٤٢.
(٣) المعاجم العربية. ص ٤٦ وما بعدها باختصار. وانظر مقدمة الصحاح لأحمد عطار ص ٥٧ ـ ٥٨ والمزهر ١ / ٩٠ ـ ٩١.