الأحاديث الشريفة ، فلغة العرب لم تستقم إلا بلغة أفصحها النبي محمّد (ص) خاصة فيما يتعلق بالقراءات.
وفي تعليلاته ركز على الأصيل والدخيل في اللغة ، وفي السياق لم يترك ظاهر التضاد في اللفظ الواحد ، وهل يراد به معنى واحدا أو معنيين ، بل رأى أن السياق هو الذي يحدد المعنى.
ومر على الترادف والمترادفات فحذفها لأنه اعتبر أن الترادف ليس دقيقا ، وأن الترادف غير حقيقي ، منطلقا أن بين كل كلمة وكلمة أخرى لابد من اختلاف مهما كان ضئيلا أو ضيقا.
توخى ابن منظور في جهده أمرين : التقصي والترتيب فبلغ في عمله مرتبة عليا ، فكان معجمه مجموعة من المعجمات : معجم للمفردات ، ومعجم للمعاني ، وآخر للأحاديث والروايات وغيرها. فاستحق بصدق الصفة الموسوعية حيث جاء شاملا تناول فيه فروع المعرفة بجهد فردي قد اقترب فيه من الموسوعات الحديثة ذات الجهد الجماعي.
القاموس المحيط :
مؤلفه مجد الدين ، محمد بن يعقوب بن محمد الشيرازي الفيروزابادي ، وبعضهم سماه : «القاموس المحيط والقابوس الوسيط فيما ذهب من كلام العرب شماطيط».
ولد الفيروزابادي ببلدة كارزين بفارس من أعمال شيراز سنة ٧٢٩ ه ونشأ بها ، وقد حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين ، اعتنى به أبوه فأقرأه اللغة والأدب ثم أخذ به إلى مشاهير علماء شيراز. دفعه نهمه في العلم إلى ترك وطنه ، فرحل إلى العراق ثم الشام وسافر إلى بلاد الروم والهند واليمن وذهب إلى مكة مرارا وحاور بها وأقام بالمدينة وبالطائف ، وتلقى فيها العلم على أعظم العلماء في زمانه. وكان المجد موضع التجلة والتبجيل من الناس فما دخل بلدا إلّا أكرمه أهله ، بل بالغ الملوك والحكام في تعظيمه (١).
ويقول الخزرجي بأنه كان شيخ عصره في الحديث والنحو واللغة والتاريخ والفقه (٢).
وقال الكرماني : كان عديم النظير في زمانه نظما ونثرا بالفارسي والعربي ، جاب البلاد وسار إلى الجبال والوهاد ، ورحل وأطال النجعة واجتمع بمشايخ كثيرة عزيزة ، وعظم بالبلاد (٣).
__________________
(١) مقدمة الصحاح أحمد عطار ص ١٧١.
(٢) العقود اللؤلئية ٢ / ٢٨٦.
(٣) الضوء اللامع ١٠ / ٨٣.